للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَصْرَ قَدْ يُفْعَلُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ عَلَى وجه الخطأ فلابد مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي وَقْتِ النِّيَّةِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) يَلْزَمُهُ ان ينوى عند ابتداء الاولة لِأَنَّهَا نِيَّةٌ وَاجِبَةٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ الْإِحْرَامِ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةِ الْقَصْرِ

(وَالثَّانِي)

يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَقَدَّمَتْ عَلَى حَالِ الْجَمْعِ فَأَشْبَهَ إذَا نَوَى عِنْدَ الْإِحْرَامِ (وَالشَّرْطُ الثَّانِي) التَّرْتِيبُ وَهُوَ أَنْ يُقَدِّمَ الْأُولَى ثُمَّ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّ الْوَقْتَ لِلْأُولَى وَإِنَّمَا يَفْعَلُ الثانية تبعا للاولي فلابد مِنْ تَقْدِيمِ الْمَتْبُوعِ (وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ) التَّتَابُعُ وَهُوَ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا كَالصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ طَوِيلٍ بَطَلَ الْجَمْعُ وَإِنْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِفَصْلٍ يَسِيرٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ أَخَّرَ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ يؤخر للجمع وقد يؤخر لغيره فلابد مِنْ نِيَّةٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا التَّأْخِيرُ الْمَشْرُوعُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَأَمَّا التَّرْتِيبُ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتُ الْأُولَى

فَجَازَ الْبُدَاءَةُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَأَمَّا التَّتَابُعُ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ كَصَلَاةٍ فَائِتَةٍ مَعَ صَلَاةٍ حَاضِرَةٍ فَجَازَ التفريق بينهما)

* (الشَّرْحُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إذَا أَرَادَ الْمُسَافِرُ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَحَدُهَا التَّرْتِيبُ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَابِعَةٌ لَهَا فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْمَتْبُوعِ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ هَكَذَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " فَلَوْ بَدَأَ بِالثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ وَتَجِبُ إعَادَتُهَا بِفِعْلِ الْأُولَى جَامِعًا وَلَوْ صَلَّى الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَبَانَ فَسَادُ الْأُولَى فَالثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا وَيُعِيدُهُمَا جَامِعًا (الْأَمْرُ الثَّانِي) نِيَّةُ الْجَمْعِ وَهِيَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْجَمْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا تُشْتَرَطُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ وَلَا أَمَرَ بِنِيَّتِهِ وَكَانَ يَجْمَعُ مَعَهُ مَنْ تَخْفَى عَلَيْهِ هَذِهِ النِّيَّةُ فَلَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهَا وَدَلِيلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ قَدْ تُفْعَلُ فِي وَقْتِ الْأُولَى جمعا وقد تفعل سهوا فلابد مِنْ نِيَّةٍ تُمَيِّزُهَا فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَفِي وَقْتِ النِّيَّةِ نَصَّانِ مُخْتَلِفَانِ قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ والخراسانيون قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ يَنْوِي عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى وَقَالَ فِي الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ إذَا نوى قبل التسيلم أَوْ مَعَهُ كَانَ لَهُ الْجَمْعُ وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْبَغَوِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمْ (أَحَدُهُمَا) تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ فَيَجِبُ فِي الْمَطَرِ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْإِحْرَامِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْجَمْعِ فَلَمْ يمكن مَحِلًّا لِنِيَّتِهِ وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ شَرْطٌ فَكَانَتْ مَحِلًّا لِلنِّيَّةِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا تَجُوزُ النِّيَّةُ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا عِنْدَ الْإِحْرَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>