وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ اتَّفَقَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ نَجَسٌ وَكَذَا صَرَّحَ بِنَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ آخَرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَأَمَّا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَفَرْعُ أَحَدِهِمَا فَلَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ
بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
* وَقَوْلُهُ فَلَا يَطْهُرُ جِلْدُهَا بِالدِّبَاغِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ جِلْدُهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ فَالتَّثْنِيَةُ تَعُودُ إلَى النَّوْعَيْنِ وَقَوْلُهُ جِلْدُهَا يَعُودُ إلَى الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَاَللَّذَانِ بَعْدَهُمَا
* وَأَمَّا قَوْلُهُ كُلُّ حَيَوَانٍ نَجِسَ بِالْمَوْتِ فَاحْتِرَازٌ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ بَلْ يَبْقَى طَاهِرًا وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْحَاوِي السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْجَنِينُ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَالصَّيْدُ إذَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ أَوْ السَّهْمُ بِشَرْطِهِ وَالْخَامِسُ الْآدَمِيُّ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَهَذِهِ مَيْتَاتٌ طَاهِرٌ لَحْمُهَا وَجِلْدُهَا فَأَمَّا الْجَرَادُ فَلَا جِلْدَ لَهُ وَالسَّمَكُ مِنْهُ مَا لَا جِلْدَ لَهُ وَمِنْهُ مَا لَهُ جِلْدٌ كَعَظِيمِ حِيتَانِ الْبَحْرِ وَالْجَنِينُ وَالصَّيْدُ لَهُمَا جِلْدٌ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِلَا دِبَاغِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ مِنْ بَيْعٍ وَاسْتِعْمَالٍ فِي يَابِسٍ وَرَطْبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ: وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ فَجِلْدُهُ طَاهِرٌ لَكِنْ لا يجوز استعمال جلده ولا شئ مِنْ أَجْزَائِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِحُرْمَتِهِ وَكَرَامَتِهِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَصَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَخَلَائِقُ قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الاستذ كار لَا يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ أَنَّ دِبَاغَ جُلُودِ بَنِي آدَمَ وَاسْتِعْمَالَهَا حَرَامٌ وَنَقَلَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو محمد علي بن احمد بن سعيد ابن حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ كِتَابِ الْإِجْمَاعِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَحْرِيمِ سَلْخِ جِلْدِ الْآدَمِيِّ وَاسْتِعْمَالِهِ: وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ أَنَّ الْآدَمِيَّ يَنْجَسُ بِالْمَوْتِ فَجِلْدُهُ نَجِسٌ وَهَلْ يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَطْهُرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالْجُمْهُورِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا كُلُّ جِلْدٍ نَجِسَ بِالْمَوْتِ طَهُرَ بِالدِّبَاغِ وَدَلِيلُهُ عُمُومُ الْحَدِيثِ أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ لِأَنَّ دِبَاغَهُ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الِامْتِهَانِ: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الدِّبَاغَ لَا يَحْرُمُ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ حُصُولُ الِامْتِهَانِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ وَأَغْرَبَ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَا وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى دِبَاغُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute