(فَرْعٌ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ) هِيَ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ شئ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ
مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ المبارك وأبي داود واسحق ابن رَاهْوَيْهِ وَالثَّالِثُ يَطْهُرُ بِهِ كُلُّ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلَّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَحَكَوْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَالرَّابِعُ يَطْهُرُ بِهِ الْجَمِيعُ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْخَامِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ إلَّا أَنَّهُ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسِ دُونَ الرَّطْبِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا فِيهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُ: وَالسَّادِسُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا قاله دَاوُد وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: وَالسَّابِعُ يُنْتَفَعُ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بِلَا دِبَاغٍ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ حَكَوْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: وَاحْتَجَّ لِأَحْمَدَ وَمُوَافِقِيهِ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا قَوْلُ الله تعالى (حرمت عليكم الميتة) وَهُوَ عَامٌّ فِي الْجِلْدِ وَغَيْرِهِ وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بشهر أن لا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ عُمْدَتُهُمْ قَالُوا وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الميتة فلم يطهر بشئ كَاللَّحْمِ وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي نَجِسَ بِهِ هُوَ الْمَوْتُ وَهُوَ مُلَازِمٌ لَهُ لَا يَزُولُ بِالدَّبْغِ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ: وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِالْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَأَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَهُمَا صَحِيحَانِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَبِحَدِيثِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ (هَلَّا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانْتَفَعُوا بِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طُرُقٍ أَمَّا مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَرَوَاهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْهَا كِتَابُ الزَّكَاةِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى مَوَالِي أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ وَالْحُفَّاظِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute