للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ هَذَا عَنْ زَكَاةِ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَهُوَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ فَكَانَ سَالِمًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَوْ بَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ قَالُوا وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ زَكَاةُ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لا يجوز له الِاسْتِرْدَادُ إلَّا إذَا صَرَّحَ فَقَالَ هَذَا عَنْ زَكَاةِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا اسْتَرْدَدْته وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَقَالَ إنْ كَانَ مُورِثِي مَاتَ وَوَرِثْت مَالَهُ فَهَذِهِ زَكَاتُهُ فَبَانَ أَنَّهُ مَاتَ وَوِرْثَهُ فَلَا تُحْسَبُ الْخَمْسَةُ عَنْ زَكَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَمِيعُ الْأَصْحَابِ قَالُوا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِرْثِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَالِ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فَاعْتُضِدَ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ بِأَصْلِ الْبَقَاءِ وَنَظِيرُهُ مَنْ قَالَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَبَانَ مِنْهُ يُجْزِئُهُ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَتَيْ زَكَاةِ الْغَائِبِ وَالْإِرْثِ.

قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَوْ جَزَمَ الْوَارِثُ فَقَالَ هَذَا زَكَاةُ مَا وَرِثْتُهُ عَنْ مُوَرِّثِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ

بِالِاتِّفَاقِ أَيْضًا قَالَ أَصْحَابُنَا والفرق بين هذا وبين مالو بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فانه صح عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نية بخلاف الزكاة.

وأما إذ قَالَ هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَكَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَلَيْسَ لَهُ صَرْفُ الْمُخْرَجِ إلَى زَكَاةِ الْحَاضِرِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَآخَرُونَ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى الْحَاضِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قِيلَ) تَصِحُّ هَذِهِ الصُّوَرُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ لَا يُجَوِّزُ نَقْلَ الزَّكَاةِ فَكَيْفَ تَصِحُّ عَنْ الْغَائِبِ قَالَ أَصْحَابُنَا يُتَصَوَّرُ إذَا جَوَّزْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَتُتَصَوَّرُ بِالِاتِّفَاقِ إذا كان غائبا عن محلسه وَلَكِنَّهُ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ لَا فِي بَلَدٍ آخَرَ وَتُتَصَوَّرُ فِيمَنْ هُوَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ وَمَعَهُ مَالٌ وَلَهُ مَالٌ آخَرُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ فَمَوْضِعُ تَفْرِيقِ الْمَالَيْنِ وَاحِدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الْخَامِسَةُ) إذَا وَكَّلَ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ وَنَوَى الْوَكِيلُ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْأَصْنَافِ أَوْ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي أَجْزَأَهُ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الْأَكْمَلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ نَوَى الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكَّلِ لَمْ يُجْزِئْهُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَطَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ

(أَحَدُهُمَا)

الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ بِالزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ وَقَدْ نَوَى (وَأَصَحُّهُمَا) فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيمِ النِّيَّةِ عَلَى التَّفْرِيقِ (إنْ) جَوَّزْنَا أَجْزَأَ هَذَا (وَإِلَّا) فَلَا وَالْمَذْهَبُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ وَكَّلَهُ وَفَوَّضَ إلَيْهِ النِّيَّةَ وَنَوَى الْوَكِيلُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ أَجْزَأَهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا نِيَّةٍ وَدَفَعَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يَنْوِ لَكِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ حَالَ دَفْعِ الْوَكِيلِ إلَى الْأَصْنَافِ أَجْزَأَ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمُوَكِّلِ قَارَنَتْ الصَّرْفَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَأَشْبَهَ تَفْرِيقَهُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>