للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَرْفِ الْوَكِيلِ إلَى الْأَصْنَافِ فَقَدْ جَزَمَ صَاحِبُ (١) بالاجزاء ويحتمل انه فَرْعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ عَلَى الدَّفْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قِيلَ) قُلْتُمْ هُنَا إنَّ النَّائِبَ لَوْ نَوَى وَحْدَهُ لَا يُجْزِئُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ أَجْزَأَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي الْحَجِّ عَكْسُهُ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّائِبِ وَهُوَ الْأَجِيرُ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْمُسْتَأْجَرِ وَلَا تَنْفَعُ (فَالْجَوَابُ) مَا أَجَابَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وغيره أن الفرض في الحج يَقَعُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ فَاشْتُرِطَ قَصْدُهُ الْأَدَاءَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِيَنْصَرِفَ الْفِعْلُ إلَيْهِ وَأَمَّا هُنَا فَالْفَرْضُ يَقَعُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ فَاكْتَفَى بِنِيَّتِهِ قَالُوا وَنَظِيرُ الْحَجِّ أَنْ

يَقُولَ الْمُوَكِّلُ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي مِنْ مَالِكَ فَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّادِسَةُ) وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ وَيَلْزَمُهُ النِّيَّةُ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ زَكَاةً وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَعَلَيْهِ اسْتِرْدَادُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِتَفْرِيطِهِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (السَّابِعَةُ) إذَا تَوَلَّى السُّلْطَانُ قَسْمَ زَكَاةِ إنْسَانٍ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ دَفَعَهَا طَوْعًا وَنَوَى عِنْدَ الدَّفْعِ كَفَاهُ وأجزأه وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ السُّلْطَانِ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْأَصْنَافِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فِي الْقَبْضِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَالِكُ وَنَوَى السُّلْطَانُ أَوْ لَمْ يَنْوِ أَيْضًا فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ

(أَحَدُهُمَا)

يُجْزِئُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الْمَحَامِلِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا الْفَرْضُ فَاكْتَفَى بِهَذَا الظَّاهِرِ عَنْ النِّيَّةِ

(وَالثَّانِي)

لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ وَالنِّيَّةُ وَاجِبَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَقْبِضُ نِيَابَةً عَنْ الْمَسَاكِينِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ إلَى الْمَسَاكِينِ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ فَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى نَائِبِهِمْ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي التَّنْبِيهِ وَشَيْخُهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَأَوَّلُوا نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِ الزَّكَاةِ فَيُجْزِئُهُ إذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إذَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَالِكُ طَائِعًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا قُلْتُ وَهَذَا النص يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ يُجْزِئُهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُطَالَبُ بِالزَّكَاةِ مَرَّةً أُخْرَى وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ وَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ فِي الْبَاطِنِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْإِمَامِ بِاخْتِيَارِهِ فَأَمَّا إذَا امْتَنَعَ فَأَخَذَهَا مِنْهُ الْإِمَامُ قَهْرًا فَإِنْ نَوَى رب المال حال الاخذ أجزأه ظاهر أو باطنا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا سَبَقَ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ رَبُّ الْمَالِ نَظَرَ إنْ نَوَى الْإِمَامُ أَجْزَأَهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُطَالَبُ ثَانِيًا وَهَلْ يُجْزِئُهُ بَاطِنًا فِيهِ وَجْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>