للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ بِلَا نِيَّةٍ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ: وَحَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُمَا وَعَنْ زُفَرَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَصِحُّ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ: وَاحْتُجَّ لِهَؤُلَاءِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الْآيَةَ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْك الْمَاءَ فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْت وَبِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فِي الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِلنِّيَّةِ وَلَوْ وَجَبَتْ لَذُكِرَتْ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ بِمَائِعٍ فَلَمْ تَجِبْ لَهَا نِيَّةٌ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ: وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ: وَاحْتَرَزُوا عَنْ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ الَّتِي انْقَطَعَ حَيْضُهَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَطْؤُهَا بِالْإِجْمَاعِ إذَا اغْتَسَلَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ النِّيَّةُ لَمْ تَحِلَّ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ مِنْهَا

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مخلصين له الدين) وَالْإِخْلَاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالْأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا مَعْنَى النِّيَّةِ: وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ لِأَنَّ لَفْظَةَ إنَّمَا لِلْحَصْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ صُورَةَ الْعَمَلِ فَإِنَّهَا تُوجَدُ بلانية: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ حُكْمَ الْعَمَلِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) وَهَذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ فَلَا يَكُونُ لَهُ: وَمِنْ الْقِيَاسِ

أَقْيِسَةٌ أَحَدُهَا قِيَاسُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ أَنَّهَا طَهَارَةٌ مِنْ حَدَثٍ تستباح بها الصلاة فلم تصح بلانية كَالتَّيَمُّمِ: وَقَوْلُنَا مِنْ حَدَثٍ احْتِرَازٌ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقَوْلُنَا تُسْتَبَاحُ بِهَا الصَّلَاةُ احْتِرَازٌ مِنْ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ: فَإِنْ قَالُوا التَّيَمُّمُ لَا يُسَمَّى طَهَارَةً: فَالْجَوَابُ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>