للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَلَّمَ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَفِي رِوَايَةٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَمَا كَانَ وُضُوءًا كَانَ طَهُورًا وَحَصَلَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ: فَإِنْ قِيلَ التَّيَمُّمُ فَرْعٌ لِلْوُضُوءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ: يُؤْخَذَ حُكْمُ الْأَصْلِ مِنْ الْفَرْعِ.

فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ فَرْعًا لَهُ لِأَنَّ الْفَرْعَ مَا كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ الشئ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ الْوُضُوءِ بَلْ بَدَلٌ عَنْهُ: فَلَا يَمْتَنِعُ أَخْذُ حُكْمِ الْمُبْدَلِ مِنْ حُكْمِ بَدَلِهِ: وَلِأَنَّهُ إذَا افْتَقَرَ التَّيَمُّمُ إلَى النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ خَفِيفٌ إذْ هُوَ فِي بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَالْوُضُوءُ أَوْلَى: فَإِنْ قِيلَ التَّيَمُّمُ يَكُونُ تَارَةً بِسَبَبِ الْحَدَثِ وَتَارَةً بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ فَوَجَبَتْ فِيهِ النِّيَّةُ لِيَتَمَيَّزَ: فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلَا مُؤَثِّرٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جُنُبًا فَغَلِطَ وَظَنَّ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَتَيَمَّمَ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ كَانَ مُحْدِثًا فَظَنَّ أَنَّهُ جُنُبٌ فَتَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ (١) الثَّانِي أَنَّ الْوُضُوءَ أَيْضًا يَكُونُ تَارَةً عَنْ الْبَوْلِ وَتَارَةً عَنْ النَّوْمِ فَإِنْ قالوا وان اختلفت أسبابه فالواجب شئ وَاحِدٌ: قُلْنَا وَكَذَا التَّيَمُّمُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْبَابُهُ فَالْوَاجِبُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ: فَإِنْ قِيلَ التَّيَمُّمُ بَدَلٌ وَشَأْنُ الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنْ الْمُبْدَلِ فَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.

فَالْجَوَابُ ان ما ذكروه منتقض؟ ؟ الْخُفِّ.

فَإِنَّهُ بَدَلٌ وَلَا يَفْتَقِرُ عِنْدَهُمْ إلَى النِّيَّةِ وَإِنَّمَا افْتَقَرَتْ كِنَايَةُ الطَّلَاقِ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ احْتِمَالًا وَاحِدًا.

وَالصَّرِيحُ ظَاهِرٌ فِي الطَّلَاقِ وَأَمَّا الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ فَمُسْتَوِيَانِ بَلْ التَّيَمُّمُ أَظْهَرُ فِي إرَادَةِ الْقُرْبَةِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَادَةً بِخِلَافِ صُورَةِ الْوُضُوءِ فَإِذَا افْتَقَرَ التَّيَمُّمُ الْمُخْتَصُّ بِالْعِبَادَةِ إلَى النِّيَّةِ فَالْوُضُوءُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَادَةِ أَوْلَى فَإِنْ قِيلَ التَّيَمُّمُ نُصَّ فِيهِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ النِّيَّةُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الصَّعِيدِ.

وَذَلِكَ غَيْرُ النِّيَّةِ (قِيَاسٌ آخَرُ) عِبَادَةٌ ذَاتُ أَرْكَانٍ فَوَجَبَتْ فِيهَا النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ: فَإِنْ قَالُوا الوضوء


(١) عجب فقد نقل في كتاب التيمم هنا هذه المسألة عن مذهبنا وقال عن احمد ومالك لا يصح واستدل
للمذهب وبسط القول فيها ذكرها في فرع في مسائل تتعلق بالنية في المسألة الرابعة اه من هامش الاذرعي وبهامشه ايضا ما نصه هذا الاجماع اخذه من كلام الامام في اوائل باب نية الوضوء فانه قال نقل المزني عن العلماء اجماعهم عليه لكن في غلط المتوضئ من حدث إلى حدث ولم يشعر ان الامام حكى في الباب الذي يليه ثلاثة اوجه احدهما ان الغلط لا يضر اصلا: والثاني ان الادنى يرتفع بالاعلى إذا فرض الغلط كذا والاعلى لا يرتفع بالادنى هذا لفظ واراد بالادنى والاعلى الحدث الاكبر والاصغر قال ابن الرفعة في المطلب وهذا قد يتخيل منه اجراء الخلاف فيما إذا غلط في الحدث الاصغر من حدث إلى حدث كما يقتضيه ايراد بعض الشارحين وعندي أن الخلاف انما هو في الغلط من الجنابة إلى الحدث الاصغر أو بالعكس والفرق لائح وبه صرح سراج الدين بن دقيق العيد فقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>