فِي أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمُخْتَصَرُهُ أَنَّ شَرْطَ الرَّاوِي وَالْمُخْبِرَ وَالشَّاهِدَ أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا حَالِ التَّحَمُّلِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّوْمَ لَا تَيَقُّظَ فِيهِ وَلَا ضَبْطَ فَتُرِكَ الْعَمَلُ بِهَذَا الْمَنَامِ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِ الرَّاوِي لَا لِلشَّكِّ فِي الرُّؤْيَةِ فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ
رَآنِي حَقًّا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي " وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي هلال
* ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا ثُبُوتُهُ بِعَدْلَيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي ثُبُوتِهِ بِعَدْلٍ خِلَافٌ (الصَّحِيحُ) ثُبُوتُهُ وَسَوَاءٌ أَصْحَتْ السَّمَاءُ أَوْ غَيَّمَتْ وَمِمَّنْ قَالَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَآخَرُونَ وَمِمَّنْ قَالَ يُشْتَرَطُ عَدْلَانِ عَطَاءٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والليث والماجشون وإسحق بْنُ رَاهْوَيْهِ وَدَاوُد وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يُشْتَرَطُ رَجُلَانِ أو رجل وامرأتان كذا حكاه عنه ابْنُ الْمُنْذِرِ
* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً ثَبَتَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَلَا يَثْبُتُ غير رَمَضَانُ إلَّا بِاثْنَيْنِ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً لَمْ يَثْبُتْ رَمَضَانُ بِوَاحِدٍ وَلَا بِاثْنَيْنِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدَدِ الِاسْتِفَاضَةِ
* وَاحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَنْظُرَ الْجَمَاعَةُ الْكَبِيرَةُ إلَى مَطْلَعِ الْهِلَالِ وَأَبْصَارُهُمْ صَحِيحَةٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَيَرَاهُ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ دُونَهُمْ
* وَاحْتَجَّ مَنْ شَرَطَ اثْنَيْنِ بِحَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ وَسَبَقَ بَيَانُهُ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ " وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سبق بيانه قريبا حيث ذكره الْمُصَنِّفُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ " جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ يَعْنِي رَمَضَانَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفْظُهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَغَيْرُهُمْ وقال الحاكم هو حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَيْرِ ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وكذا رواه أَبُو دَاوُد مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ مُرْسَلًا قَالَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مُرْسَلًا وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ مَوْصُولًا وَمِنْ طُرُقٍ مُرْسَلًا وَطُرُقُ الِاتِّصَالِ صَحِيحَةٌ وَقَدْ سَبَقَ مَرَّاتٍ أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا رُوِيَ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا اُحْتُجَّ بِهِ لِأَنَّ مَعَ مَنْ وَصَلَهُ زِيَادَةٌ وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَقَدْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ كَمَا سَبَقَ فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ هُمَا الْعُمْدَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ (وَأَمَّا) حَدِيثُ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ وَكَانَ لَا يُجِيزُ عَلَى شَهَادَةِ الْإِفْطَارِ الا شهادة رجلين " فرواه الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute