قَالَ وَفِي الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ كِفَايَةٌ ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ إلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَصَامَ وأحسبه قال وأمر الناس بالصيام وَقَالَ أَصُومُ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ " (وَالْجَوَابُ) عَمَّا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ بَعْضُهُمْ دُونَ جُمْهُورِهِمْ لِحُسْنِ نَظَرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وليس هذا ممتنعا ولهذا لَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ اثْنَانِ أَوْ وَاحِدٌ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَمْ يُنْقَضْ بِالْإِجْمَاعِ وَوَجَبَ الصَّوْمُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِيلًا لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ وَوَجَبَ نَقْضُهُ (وَالْجَوَابُ) عَمَّا احْتَجَّ بِهِ الْآخَرُونَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ نَنْسُكُ هِلَالَ شَوَّالٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ ولابد مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ الشِّيعَةِ أَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حُكْمَ الْأَهِلَّةِ وَاعْتَمَدُوا الْعَدَدَ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ " شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ " وَبِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ " صَوْمُكُمْ يَوْمَ نَحْرِكُمْ " وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِمْ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا مَعَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ " وَالْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " أَيْ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَفِي روايات " الشهر هكذا وهكذا وهكذ وأشار باصابعه الْعَشْرِ وَحَبَسَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نجسب الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِهِ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " لما صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ " مَا صُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْتُ مَعَهُ ثَلَاثِينَ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (وَالْجَوَابُ) " عَنْ شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ " أَيْ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُمَا أَوْ لَا يَنْقُصَانِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَعًا غَالِبًا وَقَدْ سَبَقَ هَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِمَا (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ " صَوْمُكُمْ يَوْمَ
نَحْرِكُمْ " أَنَّهُ ضَعِيفٌ بَلْ مُنْكَرٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي هَذَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حسن ولفظه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute