الْجُنُبُ غُسْلًا مَسْنُونًا فَفِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَبِهَذَا قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَجَنَابَتُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الطَّهَارَةَ لَيْسَ اسْتِحْبَابُهَا بِسَبَبِ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ رَفْعَهُ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَشِبْهِهَا: وَلَوْ نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ لِقِرَاءَةِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ فَفِي ارْتِفَاعِ جَنَابَتِهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ فِي الْمُحْدِثِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَذَا لَوْ نَوَى الْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ لِلْعُبُورِ فِي الْمَسْجِدِ ففيه الوجهان * قال المصنف رحمه الله
* (وَإِنْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَالتَّبَرُّدَ وَالتَّنْظِيفَ صَحَّ وُضُوءُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْبُوَيْطِيِّ
لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَضَمَّ إلَيْهِ مَا لَا يُنَافِيهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ أَشْرَكَ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ الْقُرْبَةِ وغيرها) (الشَّرْحُ) هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْقَفَّالُ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مَحْكِيٌّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وَضَعَّفُوا تَعْلِيلَهُ بِالتَّشْرِيكِ وَقَالُوا لَيْسَ هَذَا تَشْرِيكًا وَإِنَّمَا صَحَّحْنَا وُضُوءَهُ لِأَنَّ التَّبَرُّدَ حَاصِلٌ سَوَاءٌ قَصْدَهُ أَمْ لَا فَلَمْ يُجْعَلْ قَصْدُهُ تَشْرِيكًا وَتَرْكًا لِلْإِخْلَاصِ بَلْ هُوَ قَصْدٌ لِلْعِبَادَةِ عَلَى حَسَبِ وُقُوعِهَا لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَتِهَا حُصُولَ التَّبَرُّدِ: وَلَوْ اغْتَسَلَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ وَالتَّبَرُّدِ فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْوُضُوءِ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا عَنْ غَرِيمٍ يُطَالِبُهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَصْدٍ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ فِي الطَّوَافِ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ الْغَرِيمِ وَغَيْرِهَا وَسَنُوَضِّحُهَا هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَصَلَ لَهُ الْفَرْضُ وَالتَّحِيَّةُ جَمِيعًا لِأَنَّ التَّحِيَّةَ يَحْصُلُ بِهَا الْفَرْضُ فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهَا تَصْرِيحًا بِمُقْتَضَى الْحَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute