للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى التَّصْرِيحِ بِحُصُولِ الْفَرْضِ وَالتَّحِيَّةِ: وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حُصُولِهِمَا جَمِيعًا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَعْدَ الْبَحْثِ الشَّدِيدِ سِنِينَ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الصلاح لابد مِنْ جَرَيَانِ خِلَافٍ فِيهِ كَمَسْأَلَةِ التَّبَرُّدِ وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ لَمْ يَنْقُلَاهُ عَنْ أَحَدٍ وَالْمَنْقُولُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ فِي تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَرُّدِ هُوَ التَّشْرِيكُ بَيْنَ الْقُرْبَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي مَسْأَلَةِ التَّحِيَّةِ فَإِنَّ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ قُرْبَتَانِ إحْدَاهُمَا تَحْصُلُ بِلَا قَصْدٍ فَلَا يَضُرُّ فِيهَا الْقَصْدُ كَمَا لَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَصَدَ أَمْرَيْنِ لَكِنَّهُمَا قُرْبَتَانِ وَهَذَا وَاضِحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ: وَلَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ

وَالْجُمُعَةِ حَصَلَا جَمِيعًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ وَالْجُمْهُورُ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ أَبُو عَلِيٍّ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَحَكَاهُ الْمُتَوَلِّي عَنْ اخْتِيَارِ أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيِّ وَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحِيَّةِ بِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ ضِمْنًا وَهَذَا بِخِلَافِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إذَا نَوَى الْجُمُعَةَ وَالْجَنَابَةَ (١) يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَنَابَةِ هَلْ تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ إنْ قُلْنَا لَا يَحْصُلُ لَمْ يَصِحَّ الْغُسْلُ كَمَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَإِنْ قُلْنَا يَحْصُلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فوجهان كمسألة التبرد: والاصح الحصول * قال المصنف رحمه الله

* (وَإِنْ أَحْدَثَ أَحْدَاثًا وَنَوَى رَفْعَ حَدَثٍ مِنْهَا ففيه ثلاثة أوجه احدها يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ فَإِذَا ارْتَفَعَ وَاحِدٌ ارْتَفَعَ الْجَمِيعُ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ: وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَوَّلِ صَحَّ وَإِنْ نَوَى مَا بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَ الطَّهَارَةَ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ مَا بَعْدَهُ وَالْأَوَّلُ اصح) (الشَّرْحُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خَمْسَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً بِأَدِلَّتِهَا أَصَحُّهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ يَصِحُّ وُضُوءُهُ سَوَاءٌ نَوَى الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ نَوَى رَفْعَ حَدَثٍ وَنَفَى رَفْعَ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ غَيْرِهِ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا: وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى رَفْعَ الْأَوَّلِ صَحَّ وُضُوءُهُ وَإِلَّا فَلَا: وَالرَّابِعُ إنْ نوى رفع الا خير صَحَّ وُضُوءُهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ مَا قَبْلَ الا خير اندرج فيه حكاه صاحب الشامل


(١) مقتضى هذا البناء ترجيح عدم الحصول إذا نواهما لان الاصح عند الاكثرين في المسألة المنبي عليها عدم حصول الجمعة كما صححه الشيخ رحمه الله وبه جزم الرافعي في المحرر خلاف ما صححه هنا اه هامش الاذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>