للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّتَابُعُ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ حَكَاهُ عَنْهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَفَاتَهُ وَخَرَجَ الشَّهْرُ نَاقِصًا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا قَضَاءُ تِسْعَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِأَنَّ الْعَشْرَ الَّذِي الْتَزَمَهُ إنَّمَا كَانَ تِسْعَةً بِلَيَالِيِهَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وغيره وهو ظاهر * قال المصنف رحمه الله

* {وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا لَزِمَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَخْرُجَ مِنْهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيَسْتَوْفِيَ الْفَرْضَ بِيَقِينٍ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَهُ فِي سَاعَاتِ أَيَّامٍ فِيهِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا مِنْ شُهُورٍ (وَالثَّانِي) لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْيَوْمَ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشمس}

* {الشرح} قال أصحابنا إذا نذر اعتكاف يوم لَمْ يَلْزَمْهُ مَعَهُ لَيْلُهُ بِلَا خِلَافٍ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَخْرُجَ مِنْهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْيَوْمِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ الدُّخُولُ قبل الفجر والمكث إلى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ كَمَا يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ إمْسَاكُ جُزْءٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِاسْتِكْمَالِ الْيَوْمِ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ الْيَوْمَ فِي سَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ بِأَنْ يَعْتَكِفَ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ أَوْ سَاعَاتٍ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْيَوْمَ فِيهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْكِتَابِ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ وَجْهًا ثَالِثًا عَنْ القيصري من أصحابنا انه ان نَوَى الْيَوْمَ مُتَتَابِعًا لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ أَطْلَقَ أَجْزَأَهُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَكَثَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَفِي إجْزَائِهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِاللَّيْلِ فَطَرِيقَانِ

(أَحَدُهُمَا)

وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَوْ هُوَ نَصُّهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ سَوَاءٌ جَوَّزْنَا التَّفْرِيقَ فِي سَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ أَمْ لَا لِحُصُولِ التَّوَاصُلِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي تَفْرِيقِ السَّاعَاتِ كَمَا لَوْ خَرَجَ فِي اللَّيْلِ وبهذا الطريق قال أبو اسحق المروزى حكاه عَنْهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِيَوْمٍ مُتَوَاصِلِ السَّاعَاتِ وَاعْتِكَافُهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي نَذْرِهِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فَكَأَنَّهُ خَرَجَ فِي اللَّيْلِ ثُمَّ عَادَ فَسَوَاءٌ مَكَثَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ فَبِمُجَرَّدِ حُصُولِ اللَّيْلِ حَصَلَ التَّفْرِيقُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهَذَا الَّذِي قاله أبو اسحق

<<  <  ج: ص:  >  >>