مُنْقَاسٌ مُتَّجِهٌ وَإِنْ كَانَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ عَلَى خلافه قال وعرض علي ابى إسحق نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى تَجْوِيزِ ذَلِكَ مَعَ مَصِيرِهِ إلَى أَنَّ تَفْرِيقَ سَاعَاتِ الْيَوْمِ لَا يُجْزِئُ فَقَالَ نَصُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي هَذَا فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ إلَّا الصَّبْرَ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ فَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي الطُّرُقِ كُلِّهَا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دُخُولُ الْمُعْتَكَفِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ بِاللَّيْلِ بَلْ يَجِبُ مُكْثُهُ لِتَحَقُّقِ التَّوَاصُلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ يَوْمٌ وَلَيْسَتْ اللَّيْلَةُ مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُ التَّتَابُعُ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُجْعَلَ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَطْعَ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ ثُمَّ حَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْأَصْحَابِ تَفْرِيعًا عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ السَّاعَاتِ أَنَّهُ يَكْفِيهِ سَاعَاتُ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَكَفَ أَقْصَرَ الْأَيَّامِ جَازَ ثُمَّ قَالَ إنْ فَرَّقَ عَلَى سَاعَاتِ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ فِي سِنِينَ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ اعْتَكَفَ فِي أَيَّامٍ مُتَبَايِنَةٍ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ اعْتِكَافُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِالْجُزْئِيَّةِ إنْ كَانَ ثُلُثًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ ثُلُثِ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ نَظَرًا إلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاعْتِكَافُ وَلِهَذَا لَوْ اعْتَكَفَ مِنْ يَوْمٍ طَوِيلٍ بِقَدْرِ سَاعَاتِ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ لَمْ يَكْفِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ حَسَنٌ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَا يَشْفِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ المتولي وغيره ولو نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى اعْتِكَافِ اليوم على سَبَقَ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَمْكُثُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَلَوْ أَرَادَ تَفْرِيقًا مِنْ سَاعَاتِ لَيَالِيَ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَفْرِيقِ سَاعَاتِ الْيَوْمِ مِنْ أَيَّامٍ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ نِصْفُ اللَّيْلِ وَبَقِيَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلَةِ الْأُخْرَى فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ (أَشْهُرُهُمَا) الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ وَقَالَ أبو اسحق فِيهِ الْوَجْهَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَاعْتَكَفَ بَدَلَهُ لَيْلَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ الزَّمَانَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِنَذْرِهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُلْتَزَمَةِ فَهُوَ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِالنَّهَارِ فَصَلَّاهُمَا بِاللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ عَيَّنَ الزَّمَانَ فِي نَذْرِهِ فَفَاتَ فَاعْتَكَفَ بَدَلَ الْيَوْمِ لَيْلَةً أَجْزَأَهُ كَمَا لَوْ فَاتَهُ صَلَاةُ نَهَارٍ إمَّا مَكْتُوبَةٌ أَوْ مَنْذُورَةٌ فَقَضَاهَا فِي اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَسَبَبُهُ أَنَّ اللَّيْلَ صَالِحٌ لِلِاعْتِكَافِ كَالنَّهَارِ وَقَدْ فَاتَ الْوَقْتُ فَوَجَبَ قَضَاءُ الْقَدْرِ الْفَائِتِ فأما الوقت فيسقط حكمه بالفوات
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute