للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ قَالَ اعْتِقُوا عَنِّي رَقَبَةً فَاشْتَرَوْا رَقَبَةً لِيَعْتِقُوهَا فَمَاتَ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَجَبَ شِرَاءُ أُخْرَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَدَلِيلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِمَا تَحْصِيلُ الْعِبَادَةِ فَإِذَا مَاتَ مِنْ غير ايقاعها أقيم غيره مقامه *

قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

* (وَلَا يَجُوزُ الاحرام بالحج الا في أشهر الحج والدليل عليه قوله عز وجل (الحج أشهر معلومات فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فسوق ولا جدال في الحج) والمراد به وقت إحرام الحج لان الحج لا يحتاج الي أشهر فدل على أنه أراد به وقت الاحرام ولان الاحرام نسك من مناسك الحج فكان موقتا كالوقوف والطواف وأشهر الحج شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الحجة وهو إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر لما روى عن ابن مسعود وجابر وابن الزبير رضى الله عنهم انهم قالوا (أشهر الحج معلومات شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الحجة) فان أحرم بالحج في غير أشهره انعقد احرامه بالعمرة لانها عبادة مؤقتة فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها كَصَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فانه ينعقد احرامه بالنفل ولا يَصِحُّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ أَكْثَرُ مِنْ حَجَّةٍ لان الوقت يستغرق أفعال الحجة الواحدة فلا يمكن اداء الحجة الاخرى)

*

(الشَّرْحُ) (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْوَقْتَ يَسْتَغْرِقُ أَفْعَالَ الْحَجَّةِ الْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الْحَجَّةَ تَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ ثُمَّ فِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَلْفَاظِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَلْزَمَهَا الْحَجَّ وَمَعْنَى الْفَرْضِ فِي اللُّغَةِ الْإِلْزَامُ وَالْإِيجَابُ (وَأَمَّا) الرَّفَثُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ الْمُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ وَقَالَ كَثِيرُونَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا التَّعَرُّضُ لِلنِّسَاءِ بِالْجِمَاعِ وَذِكْرُهُ بِحَضْرَتِهِنَّ فَأَمَّا ذِكْرُهُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ النِّسَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَآخَرِينَ (وَأَمَّا) الْفُسُوقُ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَالْجُمْهُورُ هُوَ الْمَعَاصِي كُلُّهَا (وَأَمَّا) الْجِدَالُ فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ جِدَالِ صَاحِبِهِ وَمُمَارَاتِهِ حَتَّى يُغْضِبَهُ وَسُمِّيَتْ الْمُخَاصَمَةُ مُجَادَلَةً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يروم أن يقتل صَاحِبَهُ عَنْ رَأْيِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُمَا مَعْنَاهُ هُنَا وَلَا شَكَّ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُرَادُ إبْطَالُ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِهِ وفعلهم النساء وهو النسئ وَالتَّأْخِيرُ وَالْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرَ ابْنَ عَبَّاسٍ الْآيَةَ فِي آخِرِ بَابِ الْإِحْرَامِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ الْمَعَانِي وَغَيْرُهُمْ ظَاهِرُ الْآيَةِ نَفْيٌ وَمَعْنَاهَا نَهْيٌ أَيْ لَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَلَا تُجَادِلُوا وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ فِي قِرَاءَةِ

*

<<  <  ج: ص:  >  >>