للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية فقرأ ابن كثير وأبو عمر (فلا رفث ولا فسوق) بالرفع والتنوين وقرأ باقى السبعة بالنصب فيهما بِلَا تَنْوِينٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى نَصْبِ اللَّامَ مِنْ جدال (وأما) قوله تعالى (الحج أشهر) والمراد شهران وبعض الثالث فجار عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ فِي إطْلَاقِهِمْ لَفْظَ الْجَمْعِ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ وَمِنْهُ قوله تعالى (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وَيَكْفِيهَا طُهْرَانِ وَبَعْضُ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقْتُ إحْرَامِ الْحَجِّ فَهَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَوَافَقَهُمْ بَعْضُ العلماء (وأما) النحويون واصحاب المعاني ومحققوا المفسرين فذكرو فِي الْآيَةِ قَوْلَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

تَقْدِيرُهَا أَشْهُرُ الْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ (وَالثَّانِي) تَقْدِيرُهَا الْحَجُّ حَجُّ أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ أي لاحج إلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا خِلَافَ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ مِنْ حَجِّهِمْ فِي غَيْرِهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَذْفُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِلْأَشْهُرِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى

غَيْرِ إضْمَارٍ وَهُوَ أَنَّ الْأَشْهُرَ جعلت نفس الحج لكون الْحَجُّ فِيهَا كَقَوْلِهِمْ لَيْلٌ نَائِمٌ لِمَا كَانَ النَّوْمُ فِيهِ جُعِلَ نَائِمًا (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَكَانَ مُؤَقَّتًا كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ فَمَقْصُودُهُ بِهِ إلْزَامُ تَعْبِيرِ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ إنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ ولا يأتي بشئ مِنْ أَفْعَالِهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَوَافَقُونَا عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ وَالطَّوَافَ لَا يَكُونَانِ فِي كُلِّ السَّنَةِ بَلْ هُمَا مُؤَقَّتَانِ فَقَاسَ الْمُصَنِّفُ الْإِحْرَامَ عَلَيْهِمَا (وَأَمَّا) قَوْلُهُ أَشْهُرُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ أَوْ القعدة بفتح القاف على المشهور حكى كَسْرُهَا وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (وَأَمَّا) الْآثَارُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ فَسَنَذْكُرُهَا فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لانها عبادة مؤقتة فقال القلمى اُحْتُرِزَ بِمُؤَقَّتَةٍ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ مَا إذا توضأ للطهر مثلا قبل الزوال فانه يصح وضوؤه للظهر وغيرها وَتَنْعَقِدُ طَهَارَتُهُ الَّتِي عَيَّنَهَا بِعَيْنِهَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا فَتَوَضَّأَ أَوْ اغتسل بنية الحدث أو الجنابة الذين يوجدا في المستقبل فانه لا يصح له وما نواه ولا ينعقد وضوؤه تَجْدِيدًا وَلَا غُسْلُهُ مَسْنُونًا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ التَّيَمُّمِ وَهُوَ إذَا تَيَمَّمَ لِلظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرِيضَةً وَلَا نَافِلَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>