للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ (أَمَّا) إذَا أَوْفَى الثَّمَنَ الْحَرَامَ ثُمَّ قَبَضَ الْمَبِيعَ فَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِأَنَّ الثَّمَنَ حَرَامٌ وَأَقْبَضَ الْمَبِيعَ بِرِضَاهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْحَبْسِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ لَهُ فِي الذِّمَّةِ وَيَكُونُ أَكْلُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَلَالًا

* وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ كَوْنَ الثَّمَنِ حَرَامًا وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ لَمَا رَضِيَ بِهِ وَلَمَّا أَقْبَضَ الْمَبِيعَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْحَبْسِ بِهَذَا التَّدْلِيسِ فَالْأَكْلُ حِينَئِذٍ حَرَامٌ كَتَحْرِيمِ أَكْلِ طَعَامِهِ المرهون والامتناع من الاكل في كل هَذَا وَرَعٌ مِنْهُمْ

* وَلَوْ اشْتَرَى سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ شَيْئًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ شِرَاءً صَحِيحًا وَقَبَضَهُ بِرِضَا الْبَائِعِ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الثَّمَنِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِإِنْسَانٍ وَكَانَ فِي مَالِ الْمُشْتَرِي حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ يُوَفِّيهِ الثَّمَنَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْإِنْسَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَكِنَّ الْوَرَعَ تَرْكُهُ وَيَتَأَكَّدُ الْوَرَعُ أَوْ يَخِفُّ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقِلَّتِهِ

* وَلَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ وَفَّى ثَمَنَهُ عِنَبًا لِمَنْ عُرِفَ بِاِتِّخَاذِ الْخَمْرِ أَوْ سَيْفًا لِمَنْ عُرِفَ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كُرِهَ أَكْلُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْرُمْ

* وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ غَزْلَ زَوْجَتِهِ فَبَاعَتْ غَزْلَهَا وَوَهَبْته الثَّمَنَ لَمْ يُكْرَهْ أَكْلُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَلَيْسَ بِوَرَعٍ بَلْ وَسْوَاسٍ

* وَمِنْ الْوَرَعِ الْمَحْبُوبِ تَرْكُ مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إبَاحَتِهِ اخْتِلَافًا مُحْتَمَلًا وَيَكُونُ الْإِنْسَانُ مُعْتَقِدًا مَذْهَبَ إمَامٍ يُبِيحُهُ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ الصَّيْدُ وَالذَّبِيحَةُ إذَا لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهِ فَهُوَ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَرَامٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَالْوَرَعُ لِمُعْتَقِدِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَرْكُ أَكْلِهِ (وَأَمَّا) الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي يَكُونُ فِي إبَاحَتِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِلَا مُعَارِضٍ وَتَأْوِيلُهُ مُمْتَنِعٌ أَوْ بَعِيدٌ فَلَا أَثَرَ لِخِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ وَرَعًا مَحْبُوبًا فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُوَرِّثُ شُبْهَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الشئ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَلَكِنَّ دَلِيلَهُ خَبَرُ آحَادٍ فَتَرَكَهُ إنْسَانٌ لِكَوْنِ بَعْضِ النَّاسِ مَنَعَ الِاحْتِجَاجَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَهَذَا التَّرْكُ لَيْسَ بِوَرَعٍ بَلْ وَسْوَاسٍ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَمَا زَالَتْ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ

* قَالَ وَلَوْ أَوْصَى بِمَالٍ

لِلْفُقَهَاءِ فَالْفَاضِلُ فِي الْفِقْهِ مُدْخَلٌ فِي الْوَصِيَّةِ والمبتدي مِنْ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا دَرَجَاتٌ يَجْتَهِدُ الْمُفْتِي فِيهِمَا وَالْوَرَعُ لِهَذَا الْمُتَوَسِّطِ تَرْكُ الْأَخْذِ مِنْهَا وَإِنْ أَفْتَاهُ الْمُفْتِي بأنه دَاخِلٌ فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ وَكَذَا الصَّدَقَاتُ الْمَصْرُوفَةُ إلَى الْمُحْتَاجِينَ قَدْ يُتَرَدَّدُ فِي حَقِيقَةِ الْحَاجَةِ وَكَذَا مَا يَجِبُ مِنْ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَكِسْوَةِ الزَّوْجَاتِ وَكِفَايَةِ الْعُلَمَاءِ فِي بَيْتِ الْمَالِ

* (فَرْعٌ)

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إذَا قَدَّمَ لَك إنْسَانٌ طَعَامًا ضِيَافَةً أَوْ أَهْدَاهُ لَك أَوْ أَرَدْت شِرَاءَهُ مِنْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يُطْلَقْ الْوَرَعُ فَإِنَّك تَسْأَلُ عَنْ حِلِّهِ وَلَا يُتْرَكُ السؤال قَدْ يَجِبُ وَقَدْ يَحْرُمُ وَقَدْ يَنْدُبُ وَقَدْ يكره وضابطه مَظِنَّةَ السُّؤَالِ هِيَ مَوْضِعُ الرِّيبَةِ وَلَهَا حَالَانِ (أَحَدُهُمَا) يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِكِ

(وَالثَّانِي)

بِالْمِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>