للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَمَّا) الْأَوَّلُ فَالْمَالِكُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ (الضَّرْبُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا وَهُوَ مَنْ لَيْسَ فِيهِ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى طِيبِ مَالِهِ وَلَا فَسَادِهِ فَإِذَا دَخَلْت قَرْيَةً فَرَأَيْت رَجُلًا لَا تَعْرِفُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا وَلَا عَلَيْهِ عَلَامَةُ فَسَادِ مَالِهِ وَشَبَهِهِ كَهَيْئَةِ الْأَجْنَادِ وَلَا عَلَامَةُ طِيبَةٍ كَهَيْئَةِ الْمُتَعَبِّدِينَ وَالتُّجَّارِ فَهُوَ مَجْهُولٌ وَلَا يُقَالُ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِأَنَّ الشَّكَّ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِقَادَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ لَهُمَا سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ قَالَ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يُدْرِكُونَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَا يُدْرَى وَبَيْنَ مَا يُشَكُّ فِيهِ فَالْوَرَعُ تَرْكُ مَا لا يدرى ويجور الشِّرَاءُ مِنْ هَذَا الْمَجْهُولِ وَقَبُولُ هَدِيَّتِهِ وَضِيَافَتِهِ وَلَا يَجِبُ السُّؤَالُ بَلْ لَا يَجُوزُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ فَإِنْ أَرَادَ الورع فليتركه وان كان لابد مِنْ أَكْلِهِ فَلِيَأْكُلْ وَلَا يَسْأَلْ فَإِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى تَرْكِ السُّؤَالِ أَهْوَنُ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ مُسْلِمٍ وَإِيذَائِهِ (الضَّرْبُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مَشْكُوكًا فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَقْوَاهُ كَلِبَاسِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَهَيْئَاتِهِمْ أَوْ تَرَى مِنْهُ فِعْلًا مُحَرَّمًا تَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى تَسَاهُلِهِ فِي الْمَالِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَلَا يَحْرُمُ الْهُجُومُ بَلْ السُّؤَالُ وَرَعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجُوزُ الْهُجُومُ وَيَجِبُ السُّؤَالُ قَالَ وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنُفْتِي بِهِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْعَلَامَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مَالِهِ حَرَامٌ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ فِيهِ حَرَامًا يَسِيرًا كَانَ السُّؤَالُ وَرَعًا (الضَّرْبُ الثَّالِثُ) أَنْ يَعْلَمَ حاله بِمُمَارَسَةٍ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ ظَنٌّ فِي حِلِّ مَالِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ بِأَنْ يَعْرِفَ صَلَاحَ الرَّجُلِ وَدِيَانَتِهِ فَهُنَا لَا يَجِبُ السُّؤَالُ وَلَا يَجُوزُ أَوْ يَعْرِفَ أَنَّهُ مُرَابٍ أَوْ مُغَنٍّ وَنَحْوُهُ فَيَجِبُ السُّؤَالُ (الْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يَتَعَلَّقَ الشَّكُّ بِالْمَالِ بِأَنْ يَخْتَلِطَ حَلَالٌ

بِحَرَامٍ كَمَا إذَا حَصَلَ فِي السُّوقِ أَحْمَالُ طَعَامٍ مَغْصُوبٍ وَاشْتَرَاهَا أَهْلُ السُّوقِ فَلَا يَجِبُ السُّؤَالُ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي مِنْ تِلْكَ السُّوقِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ حَرَامٌ فَيَجِبُ السُّؤَالُ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْأَكْثَرُ حَرَامًا يَكُونُ التَّفْتِيشُ وَرَعًا لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَمْتَنِعُوا مِنْ الشِّرَاءِ مِنْ الْأَسْوَاقِ وَكَانُوا لَا يَسْأَلُونَ فِي كُلِّ عَقْدٍ وَإِنَّمَا نُقِلَ السُّؤَالُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِرِيبَةٍ كَانَتْ

* (فَرْعٌ)

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ لَوْ كَانَ فِي يَدِ نَاظِرِ الْأَوْقَافِ أَوْ الْوَصَايَا مَالَانِ أَحَدُهُمَا لِمَوْصُوفَيْنِ بِصِفَةٍ وَالْآخَرُ لِمَوْصُوفَيْنِ بِصِفَةٍ أُخْرَى فَأَرَادَ إنْسَانٌ فِيهِ صِفَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ النَّاظِرِ شَيْئًا فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ ظَاهِرَةً يَعْرِفُهَا الْمُتَوَلِّي وَهُوَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ جَازَ الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ خَفِيَّةً أَوْ عُرِفَ مِنْ حَالِ الْمُتَوَلِّي التَّسَاهُلُ وَأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَجَبَ السُّؤَالُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا عَلَامَةٌ وَلَا اسْتِصْحَابٌ يُعْتَمَدُ

* (فَرْعٌ)

قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا مِنْ دُورِ الْبَلَدِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ دُورًا مَغْصُوبَةً لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>