للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عدَّ من لا خلاق لهم هذا من تعارض الشيخ وتناقضه (١) .

ومن تأمل بعين الإنصاف عدَّ هذه السمة من أبرز مناقب الشيخ ومحاسنه؛ وذلك لأنَّ الرجل أفنى عمره في القراءة والبحث في كتب العلم، ومن هذا شأنه فلا بد أن يعثر على جديد يجعله يغير رأيه في القديم.

فقد يحكم على حديث بالضعف، وبعد سنين (وهو في بحث دؤوب) يعثر على طريق جديد يصلح لأن يكون شاهداً معتبراً لحديث ضعفه من قبل، فلا يملك سوى القول بصحة الحديث، وإعلان تراجعه عن الحكم القديم (٢) .

بخلاف الجامدين على الطريق فهم لا يجمدون على أقوالهم فحسب، بل يجمدون على قول من سبقهم من أئمتهم، ولا يقبلون النقاش فيه، ولو خالف الدليل.

وقد وقفت على مجلد لطيف باسم:

”التنبيهات المليحة على ما تراجع عنه العلامة المحدث الألباني من الأحاديث الضعيفة أو الصحيحة”؛ جمع وترتيب: عبد الباسط بن يوسف الغريب.

ووجدت كلاماً نفيساً للعلامة: بكر أبو زيد ـ حَفِظَهُ اللهُ ـ حيث قال عند الكلام على حال: ”صالح بن بشير المري”، وأنَّه (متروك الحديث) ، ولا يعتبر به في الشواهد، ولا المتابعات:

(هذا يتفق مع ما قرره العلامة الألباني في: ”الضعيفة”، خلاف ما قرره في تعليقه على: ”مشكاة المصابيح”، فإنَّه اعتبر به؛ فليُصحح.

وهذا لا يُشغب به على أهل العلم، كالحال في تعدد الروايات عن الإمام الواحد في الفقهيات، وفي رتبة الحديث الواحد، وكذا في منزلة الراوي.

وللحافظين: الذهبي، وابن حجر، في هذا شيء غير قليل يُعْلَمُ من المقابلة بين ”الكاشف”، و ”المغني” كلاهما للذهبي.

وبين: ”التقريب”، و ”التلخيص”، و ”الفتح”، ثلاثتها لابن حجر.

والأعذار في هذا مبسوطة.

وانظر: ”رفع الملام” لابن تيمية.


(١) وللمدعو: الحسن بن علي السقاف ـ هداه الله للحق ـ كتابٌ باسم: ’’تناقضات الألباني الواضحات’’، سيأتي الكلام عليه في الفصل الخامس (ص ١٦٩) .
(٢) ويمكن الاستشهاد بما جاء تحت رقم (٧) ، على ما جاء هنا.

<<  <   >  >>