(٢) وهذه الذلة من قوله تعالى في صورة المجادلة {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} آية ٢٠، وهؤلاء من أعظم الناس محادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومواقف أسلافهم كنصارى نجران، تدل عليه. وكما قال سبحانه عنهم {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} الآية. (٣) كما قال تعالى فيهم من أول المائدة: {وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} الآية. وقوله تعالى في الأنفال: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} وللحديث الآتي: اليهود والنصارى خونة، لعن الله من ألبسهم ثوب عز. (٤) وكما في آية المباهلة مع نصارى نجران: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} . وهم الكاذبون قطعاً، واليهود كذبوا الله كثيراً وافتروا عليه وهم {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} . (٥) ذكر هذا الأثر بسياقه ابن المحب الطبري في الرياض النضرة ٢/ ٣٧. وذكرها بنحوه الإمام أحمد قال ثنا وكيع وثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عياض الأشعري عن أبي موسى قال: قلت لعمر: إن لي كاتاباً نصرانياً. قال: مالك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء ... } الآية. ألا اتخذت حنيفاً. قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا قصّاهم الله. إسرائيل هو ابن يونس السبيعي، وهذا الإسناد حسن. وأخرجه البيهقي في الكبرى ٩/٢٠٤من وجه آخر إلى سماك بن حرب، عن عياض عن أبي موسى. وفيه: وكان لأبي موسى كاتب نصراني، فرفع لعمر كتابته، فعجب عمر وقال: إن هذا لحافظ وقال: إن لنا كتاباً في المسجد-وكان نصراني قد جاء مع أبي موسى-فادعه فليقرأ. فقال أبو موسى: =