وقوله " احرص أن لا تعطيهم " محمول على أنها من أرض الموات، وقوله " فإن شارطتهم فلا تخنهم" محمول على قول من قال: ليس في أرض السواد موات. فأحب الخروج من الخلاف. وقد اختلفت الرواية عنه، هل في السواد موات يملك بالأحياء؟. فقال في رواية العباس بن محمد بن موسى الخلال - وقد سأله عما أحيى من أرض السواد: أيكون لمن أحياه-؟ فقال:" مثل التلول والرمال فيما بينك وبين الأنبار، فهو لمن أحياه". وقال في رواية ابنه عبد الله - وقد سأله: أيكون موات في أرض السواد؟ قال:" لا أعلمه يكون مواتا". وأما الزيادة التي أحدثها الله تعالى، كعين انفجر ينبوعها غالبا فساح ماؤها، أو أرض حفرها السيل حتى انخفضت وصارت سَائِحَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تُسْقَى بِآلَةٍ، فَإِنْ كان هذا عارضا ضالا يُوثَقُ بِدَوَامِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَادَ فِي خراج تلك الأرض، وَإِنْ وُثِقَ بِدَوَامِهِ رَاعَى الْإِمَامُ فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِأَرْبَابِ الضِّيَاعِ وَأَهْلِ الْفَيْءِ، وَعَمِلَ فِي الزِّيَادَةِ أو المشاركة بِمَا يَكُونُ عَدْلًا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَخَرَاجُ الْأَرْضِ إذا أمكن زرعها مأخوذ وإن لم تزرع.
نص عليه في رواية الأثرم، ومحمد بن أبي حرب، وقد سئل عن رجل يده أرض من أراضي الخراج ولم يزرعها، يكون عليه خراجها؟ قال:" نعم، العامر والغامر". وَإِذَا كَانَ خَرَاجُ مَا أَخَلَّ بِزَرْعِهِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزُّرُوعِ أُخِذَ مِنْهُ فِيمَا أَخَلَّ بِزَرْعِهِ خراج أَقَلِّ مَا يُزْرَعُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى زَرْعِهِ لَمْ يُعَارَضْ فِيهِ. وَإِذَا كَانَتْ أَرْضُ الْخَرَاجِ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا فِي كُلِّ عام حتى تراح في عم وتزرع في الآخر. رُوعِيَ حَالُهَا فِي ابْتِدَاءِ وَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا، واعتبر أصلح الأمور لِأَرْبَابِ الضِّيَاعِ، وَأَهْلِ الْفَيْءِ فِي خَصْلَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ: - إمَّا أَنْ يَجْعَلَ خَرَاجَهَا عَلَى الشَّطْرِ مِنْ خَرَاجِ مَا يُزْرَعُ فِي كُلِّ عَامٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَزْرُوعِ وَالْمَتْرُوكِ، وَإِمَّا أَنْ يَمْسَحَ كُلَّ جَرِيبَيْنِ مِنْهَا بِجَرِيبٍ، لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا لِلْمَزْرُوعِ وَالْآخَرُ لِلْمَتْرُوكِ. وَإِمَّا أَنْ يَضَعَهُ بِكَمَالِهِ عَلَى مساحة المتروك ويستوفي على أربابه الشطر من رزاعة أَرْضِهِمْ. وَإِذَا كَانَ خَرَاجُ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ مُخْتَلِفًا بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ، فَزُرِعَ أَوْ غُرِسَ مَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، اُعْتُبِرَ خَرَاجُهُ بِأَقْرَبِ الْمَنْصُوصَاتِ بِهِ شبها أو نفعا. وَإِذَا زُرِعَتْ أَرْضُ الْخَرَاجِ مَا يُوجِبُ الْعُشْرَ لم يسقط عشر الأرض خراج الأرض وجمع فيها بين الحقين.