ولا يجوز أن ينقل أَرْضُ الْخَرَاجِ إلَى الْعُشْرِ، وَلَا أَرْضُ الْعُشْرِ إلى الخراج. وقد سئل أحمد في رواية إسحاق عن دار البطيخ بطرسوس: كانت بيروما كان عليها فهو لها على الأرمني إلى خارج الخندق. ووضع عليها الخراج فقال: الحمالون لا يحمل فيها لم يكن عليها خراج، وقد وضع عليها الآن خراج فلا يغير. فقال " قد أحسنوا فقد أنكر وضع الخراج على أرض لم يكن عليها". وإذا استقى بِمَاءِ الْخَرَاجِ أَرْضُ عُشْرٍ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا عُشْرًا. وَإِذَا سُقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَرْضُ خَرَاجٍ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا خَرَاجًا، اعْتِبَارًا بِالْأَرْضِ دُونَ الماء. وعند أبي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ حُكْمُ الْمَاءِ.
فَيُؤْخَذُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ الْخَرَاجُ، وَيُؤْخَذُ بِمَاءِ الْعُشْرِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ الْعُشْرُ، اعْتِبَارًا بِالْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَاعْتِبَارُ الْأَرْضِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ الْمَاءِ، لِأَنَّ الْخَرَاجَ مَأْخُوذٌ عَنْ الْأَرْضِ، وَالْعُشْرُ مَأْخُوذٌ من الزَّرْعِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَاءِ خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ، فلم يعتبر وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ مَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صَاحِبَ الْخَرَاجِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَمَنَعَ صَاحِبَ الْعُشْرِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ، ولم يمنع أحمد وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِأَيِّ الْمَاءَيْنِ شَاءَ. وقد قال أحمد في رواية صالح " الخراج على الرقبة". وقال في رواية ابن منصور " إنما هو جزية رقبة الأرض". فقد بين في رواية ابن منصور أنه عن رقبتها. وفي رواية صالح أنه على الأرض مثل الجزية على الرقبة، فاقتضى أنه عن رقبتها، وإذا كان عن رقبة الأرض كان الاعتبار بها، لا بالماء الذي يسقى به. وإذا بني في أرض الخراج أبنية دورا وحوانيتا، كَانَ خَرَاجُ الْأَرْضِ مُسْتَحَقًّا، لِأَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أن ينتفع بها كيف شاء.