للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: "هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه" ١.

الدليل الخامس: عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر.. قال: "وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره" ٢.

وفي رواية أخرى عن طريق الزهري أيضا- جاء فيها " قال الزهري: وكان الفطر آخر الأمرين، وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآخر فالآخر" ٣.

وفي رواية ثالثة: قال ابن شهاب: "فكانوا يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره ويرونه الناسخ المحكم"٤.

واضح من الحديث أن الفطر في السفر كان آخر الأمرين وأنه قد نسخ حكم جواز الصيام فيه, الذي كان موجودا قبل ذلك.

ويناقش هذا الاستدلال بما يلي:

أولا: أن عبارة: (فكان الفطر آخر الأمرين) ، من قول ابن شهاب الزهري، وقد أشار إلى ذلك الإمام مسلم من خلال عرضه لسند الحديث، كما أوضحناه في ذكرنا لروايات الحديث الثلاث.

ثانيا: ينبغي أن يفهم أن مراد الزهري من الأمرين: هما عزيمة الصيام في السفر والرخصة في الفطر فيه, وعلى هذا يكون الدليل متمشيا مع رأي الجمهور.

أما أن يحمل الأمران على عزيمة الصيام في السفر، وعزيمة الفطر فيه دائما فلا، لأنه يتناقض مع فهم راوي الحديث نفسه، وهو ابن عباس رضي الله عنهما فقد ورد عنه في الصحيحين "سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهارا ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة. قال ابن عباس- عقب ذلك مباشرة- فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر" ٥.


١ صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤٥.
٢ صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤١.
٣ صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤١.
٤ صحيح مسلم ج٣ ص ١٤١.
٥ صحيح مسلم ج ٣ ص ١٤١ وصحيح البخاري ج١١ ص ٤٢ المطبوع مع شرح عمدة القارئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>