للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس من يتيسر له سبل مواصلات مريحة تخفف عنه كثيرا من معاناة السفر، فمثل هذا يكون الصوم أيسر له.

ومنهم من لم تتيسر له سبل مواصلات أصلا أو تتيسر له مواصلات مرهقة ومجهدة فمثل هذا يكون الفطر أيسر له.

ويجاب على استدلال الجمهور القائلين بأفضلية الصوم مطلقا لمن أطاقه بأن استمرار رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصوم، ربما كان هو الأيسر بالنسبة له، وكان يأمر أصحابه بالأخذ بالرخصة لأنه كان يرى أن الفطر هو الأيسر بالنسبة لهم، وحديث أحمد المتقدم من أوضح الأمثلة على ذلك حيث جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم مبينا الحكمة من رغبته في استمرار صومه وأمره لهم بالفطر.. "إني لست مثلكم؟ إني أيسركم؟ إني راكب، فأبوا فثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه، فنزل فشرب وشرب الناس، وما كان يريد أن يشرب".

أما أدلة الفريق الذي يرى أفضلية الفطر مطلقا فقد أجيب عنها في مواضعها فلا حاجة إلى إعادتها مرة أخرى.

أما القول الذي يرى أفضلية الصوم إذا لم تصحبه آفة تحبطه؟ فيمكن أن نضيف إلى ما قلناه سابقا، إن هذه الآفات من الرياء والسمعة ونحوهما، أمور قلبية أي أن مدارها على نية الإنسان وقصده فإذا جرد الإنسان نيته، وكان صومه خالصا لله، فلا يضره ما قيل عنه.

وأما قيام الغير بخدمته، فلا يخلو حال الصائم من أحد أمرين: إما أن يكون قادرا على خدمة نفسه والمشاركة بجهد فعال مع بقية رفاقه في الرحلة مع صومه، فينبغي له ألا يسمح للغير بالقيام بهذه الأعمال نيابة عنه. وإما ألا يكون قادرا على ذلك مع الصوم فينبغي له الفطر أخذا بالرخصة.

وعلى ذلك: فيمكن القول: بأن الفريق الذي كان مصاحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم صائما وعجز عن القيام بالأعمال التي قام بها المفطرون، فإنه قد خالف مقتضى الرخصة، حيث ترك الأخذ بها مع أنه كان من أهلها، لذلك استحق المفطرون الأجر دونهم..

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>