للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النوع الثاني: التقارض بين اللفظين في الشكل والهيئة

الحال - التمييز

أ- يذهب جمهور النحاة إلى أن الأصل في الحال أن ترد في الأسلوب مشتقة من المصدر لتدل على متصف نحو: جاء بكر ضاحكا، وضربت اللص مكتوفا، وقد تجيء جامدة مقترضة هذا الجمود من التمميز لما بينهما من أوجه الشبه، ويكثر مجيئها جامدة في مواضع:

إن دلت على سعر نحو: بعه مدّا بدرهم، فمدا حال جامدة، أي بعه مُسعِّرا كل مد بدرهم.

وإن دلت على تفاعل نحو: بعته يدا بيد، أي مناجزة، أو دلت على تشبيه نحو: كرّ زيدٌ أسداً أي مشبها للأسد؛ فيدا واسدا جامدان، وصحّ وقوعهما حالا لظهور تأولهما بمشتق كما تقدم.

وتجيء الحال جامدة إن دلّت على ترتيب كقولك: ادخلوا الدار رجلا رجلا، وقولك سار الجند رجلين رجلين، تريد مرتين.

وضابط هذا النوع: أن يذكر المجموع أولاً ثم يفصل بذكر بعضه مكررا.

وتجيء الحال جامدة إن وصفت نحو قوله تعالى: {قرآنا عربيا} (يوسف الآية ٣) ، وقوله تعالى: {فتمثل لها بشرا سويا} (مريم الآية: ١٧) ، وكذلك إن دلت على عدد نحو قوله تعالى: {فتم ميقات ربه أربعين ليلة} (الأعراف الآية ١٤٢) ، وكذلك إذا كانت الحال نوعا من صاحبها كقولك: هذا مالك ذهبا، أو يكون الحال فرعا لصاحبها نحو: هذا حديدك خاتما، وكقوله تعالى: {وتنحتون الجبال بيوتا} (الشعراء الآية ١٤٩) .

ب- والأصل في التمييز أن يكون جامدا نحو: حَسُن محمد علما، وزرعت الأرض شجرا، وعندي قفيزٌ بُرّا، وقد يترك التمييز هذا الأصل فيجيء مشتقا مقترضا هذا الحال لما بينهما من مشابهة نحو: لله دره فارسا، وحسبك به كافلا، وكفى عالما١.

قال الأشموني: إن حق الحال الاشتقاق، وحق التمييز الجمود، وقد يتعاكسان، فتأتي الحال جامدة، كهذا مالك ذهبا، ويأتي التمييز مشتقا نحو: لله دره فارسا٢. أي يتعاكسان على سبيل الاقتراض فكل منهما يقترض هيئة الآخر لأوجه شبه بينهما.


١ راجع ابن عقيل: ١/٦٢٧، ٦٢٨، ٦٢٩.
٢ راجع الأشموني: ٢/١٧٠-١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>