للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلا بغامها١

فإلا بغامها صفة للأصوات.

وقول لبيد٢:

لو كان غيري سليمي الدهر غَيَّره ... وقع الحوادث إلا الصارم الذَّكر

فإلا الصارم صفة لغيري.

وقد شرط ابن الحاجب في وقوع (إلا) صفة تعذر الاستثناء بها؛ لذا جعل من الشاذ قول الشاعر:

وكل أخ يفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان

أي لجواز صحة الاستثناء بإلا.

قال أبو البقاء العكبري مشيرا إلى تقارض (إلا) و (غير) :

الأصل في (إلا) الاستثناء، وقد استعملت وصفا، والأصل في (غير) أن تكون صفة وقد استعملت في الاستثناء٣وما قاله أبو البقاء يفيد صحة التقارض لحمل إحداهما على الأخرى، (فغير) حين ضمنت معنى (إلا) حملت عليها في الاستثناء كما أن (إلا) قد تحمل على (غير) فتوصف بها لما بينهما من مشابهة؛ ولذا فهم يقولون:

(إن الأصل في (غير) أن تكون صفة مفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها ذاتا أو صفة، والأصل في (إلا) مغايرة ما بعدها لما قبلها نفيا أو إثباتا، فلما اجتمع ما بعد (إلا) وما بعد (غير) في معنى المغايرة حملت (إلا) على غير في الصفة فصار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها نفيا أو إثباتا، وحملت (غير) على (إلا) في الاستثناء فصار ما بعدها مغايرا لما قبلها.. إلا أن حمل (غير) على (إلا) أكثر من محمل (إلا) على (غير) ٤.

ومن هنا نفهم سرّ التقارض بين (غير) و (إلا) في بعض الأحكام المنوطة بكل منهما.


١ نفسه: ٦٣٨.
٢ الديوان: ٦٢.
٣ الأشباه والنظائر للسيوطي: ١/٧٥، ١٧٩، وراجع كتاب سيبويه ٢/٣٣١، ٣٣٥ هارون.
٤ راجع حاشية الصبان على الأشموني ٢/١٥٥ ط الحلبي - القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>