للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خصمه، فباء لذلك بالخسران في أول معركة، واقرأ هذه الأبيات لابن السجف المجاشعي، فإنها تكشف عما عاناه العرب هناك من الكرب والأذى والهوان، إذ يقول مخاطبا هشام بن عبد الملك١:

أذكر يتامى بأرض الترك ضائعة ... هزلى كأنهم في الحائط الحجل٢

وارحم وإلا فهبها أمة دمرت ... لا أنفس بقيت فيها ولا ثقل٣

لا تأملن بقاء الدهر بعدهم ... والمرء ما عاش ممدود له الأمل

لاقوا كتائب من خاقان معلمة ... عنهم يضيق فضاء السهل والجبل٤

لما رأوهم قليلا لا صريخ لهم ... مدوا بأيديهم لله وابتهلوا٥

وبايعوا رب موسى بيعة صدقت ... ما في قلوبهم شك ولا دغل٦

فابن السجف يرفع تقريرا إلى هشام بن عبد الملك عن بداية معركة الشعب، يوضح فيه ما حاق بهم من الهزيمة والعار، وكيف أنهم كانوا قلة ضعيفة بالقياس إلى عدوهم وضخامته، حتى أحبط كل محاولاتهم للخلاص منه، وشد عليهم، فإذا هم لا يملكون له دفعا، ولا يستطيعون منه انفكاكا، وإذا هم يتضرعون إلى الله أن ينجيهم ويكتب لهم السلامة، كما يطلب إلى هشام أن يتدبر الأمر مليا، ويتخذ قرارا حازما يحفظ من سلموا منهم، ويبقيهم على قيد الحياة، ويحذره من أنهم إذا هلكوا كان هلاكهم نذيرا بفنائه بعدهم.

أما الشرعبي الطائي فرفع تقريرا آخر عن نتائج المعركة إلى خالد بن عبد الله


١ الطبري ٩: ١٥٤٧.
٢ الحجل: الكروان.
٣ الثقل: المتاع والحشم.
٤ معلمة: بارزة معلوم مكانها.
٥ الصريخ: المغيث.
٦ الدغل: الفساد.

<<  <   >  >>