للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وخيل كالقداح مسومات ... لدى أرض مغانيها الجميم١

عليها كل أصيد دوسري ... عزير لا يفر ولا يريم

بهم تستعيب السفهاء حتى ... ترى السفهاء تردعها الحلوم٢

فانتدب يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة في جيش من أهل الشام لمحق الخارجين على طاعته، فاستعاد البصرة، وفر ابن المهلب إلى واسط، وكان أهلها بايعوا له٣. وضرب ابنه معاوية أعناق ثلاثين أسيرا كانوا في يده، منهم عدي بن أرطأة، وابنه محمد، ومالك وعبد الملك ابنا مسمع البكري، فلم يجوز ثابت فعلته القبيحة، بل عدها طيشا منه، فقد أفسدت عليه الناس، ونفرتهم عنه. يقول٤:

ما سرني قتل الفزاري وابنه ... عدي ولا احببت قتل ابن مسمع

ولكنها كانت معاوي زلة ... وضعت بها أمري على غير موضع

واستمر مسلمة يطارد ابن المهلب حتى قتله يوم العقر قرب كربلاء بالكوفة، ومزق جنوده تمزيقا. فجن ثابت، وخابت كل الآمال التي عقدها على الثورة، والتي كان يرجو أن تتوج بفوز ابن المهلب بالخلافة. فتحول يرثيه ويرثي الهالكين من أسرته. وتتضح في مراثيه لهم عصبيته الحادة للأزد، ويتضح فيها عداؤه السافر للأمويين، فهو لا ينفث فيها أناته وزفراته التي ضاق بها صدره لمصرعهم، بل يحملها كذلك دفاعا عن ثورتهم، وافتخارا بماضيهم في الجاهلية، وبحاضرهم في الإسلام، مما يجعلهم أهلا للخلافة، ويرى أن قتلهم كان جرما عظيما، كما يحملها وعيدا للأمويين، وأنه لن يغتفر لهم ذنوبهم مهما تمتد الأيام بهم، بل سينتقم منهم. ويسخط سخطا شديدا على العشائر الشامية اليمنية التي دعمتهم، وأتاحت لهم التغلب على


١ القداح: السهام: شبه بها الخيل في ضمورها. والمسومات: المرعية، أو المعلمة، أو المرسلة وعليها فرسانها. الحميم: النبت الكثير الذي طال ولم يتم.
٢ استعتب: رجع عن الإساءة وطلب الرضا.
٣ ياقوت ٣: ٦٩٥.
٤ الطبري ٩: ١٤٠٩.

<<  <   >  >>