للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المهالبة، لأنه كان يفترض فيما يظهر أن تعدل عن مساندتههم، وتنحاز للمهالبة في هذا الظرف العصيب، وتؤيدهم لما يربط بينها وبينهم من أواصر النسب. ومن مراثيه ليزيد بن المهلب هذه القصيدة التي يقرن فيها وصف مواجعه وآلامه الممضة لفقده بوعيده لبني أمية وقصاصه لهم، وغضبه على القبائل اليمنية التي ناصرتهم، يقول١:

ألا يا هند طال علي ليلي ... وعاد قصيره ليلا تماما٢

كأني حين حلقت الثريا ... سقيت لعاب أسود أو سماما٣

أمر علي حلو العيش يوم ... من الأيام شيبني غلاما

مصاب بني أبيك وغبت عنهم ... فلم أشهدهم ومضوا كراما

فلا والله لا أنسى يزيدا ... ولا القتلى التي قتلت حراما

فعلي أن أبؤ بأخيك يوما ... يزيدا أو أبؤ به هشاما٤

وعلي أن أقود الخيل شعثا ... شوازب ضمرا نقص الإكاما٥

فأسبحهن حمير من قريب ... وعكا أو أرع بهما جذاما

ونسقي مذحجا والحي كلبا ... من الذيفان أنفاسا قواما٦

عشائرنا التي تبغي علينا ... تحربنا زكا عاما فعاما٧

ولولاهم وما جلبوا علينا ... لأصبح وسطنا ملكا هماما

فهو يصف تبدل حاله، وما يقاس من المواجد، وما يتجرع من الغصص بل من السموم القاتلة، ويعترف بأنه كان غائبا عن مسرح الأحداث، وينذر بني أمية،


١ الطبري ٩: ١٤١٤.
٢ هند: بنت المهلب. وليل التمام: أطول ما يكون من ليالي الشتاء.
٣ الأسود: العظيم من الحيات.
٤ باء به: قتل قاتله به.
٥ الشوازب: الضوامر. وتقص: تكسر. والإكام: الحجارة.
٦ الذيفان: السم الناقع القاتل.
٧ تحربنا: تغضبنا. والزكا: الزوج من العدد، أي مرتين.

<<  <   >  >>