للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والعشائر اليمنية والشامية التي ساعدتهم، والتي دمروا بها المهالبة الأزديين اليمنيين تدميرا. فقد كان ينتظر منها أن تتخلى عن بني أمية، وتبايع المهالبة، وتقاتل معهم، لكي يكتب لهم النجاح في ثورتهم، ويكي يظفر يزيد بن المهلب بمنصب الخلافة.

وفي مرثية ثانية يبكي ابن المهلب، ويعلن أن ما يضاعف توجعه أنه كان بعيدا عن ميدان المعركة الفاصلة التي دارت بينه وبين مسلمة بن عبد الملك، ويوعد مسلمة بأنه سيتربص به حتى يغتاله. ويفتخر بالأزد، أصحاب العقول الراجحة، والشجاعة الخارقة، الحامين للجار، المطعمين للضيف خيار إبلهم في الجدب، ويعتد بفضلهم على الإسلام، وأنهم ناصروا الرسول حين وفد عليهم بالمدينة مهاجرا من مكة، ويتمدح بمجدهم التليد في الجاهلية ممثلا في دولة الغساسنة العزيزة القوية يقول١:

أبى طول هذا الليل أن يتصرما ... وهاج لك الهم الفؤاد المتيما

أرقت ولم تأرق معي أم خالد ... وقد أرقت عيناي حولا مجرما

على هالك هد العشيرة فقده ... دعته المنايا فاستجاب وسلما

على ملك يا صاح بالعقر جبنت ... كتائبه واستورد الموت معلما٢

أصيب ولم أشهد ولو كنت شاهدا ... تسليت إن لم يجمع الحي مأتما

وفي غير الأيام يا هند فاعلمي ... لطالب وتر نظرة إن تلوما٣

فعلي إن مالت بي الريح ميلة ... على ابن أبي ذيان أن يتندما

أمسلم إن تقدر عليك رماحنا ... نذقك بها قئ الأساود مسلما

وإن نلف للعباس في الدهر عثرة ... نكافئه باليوم الذي كان قدما

قصاصا ولا نعدو الذي كان قد أتى ... إلينا وإن كان ابن مروان أظلما

ستعلم إن زلت بك النعل زلة ... وأظهر أقوام حياء مجمجما

من الظالم الجاني على أهل بيته ... إذا أحصرت أسباب أمر وأبهما


١ الطبري ٩: ١٤١٤- ١٤١٦، وابن الأثير ٥: ٨٨.
٢ المعلم: الفارس إذا علم مكانه في الحرب.
٣ غير الأيام: أحواله المتغيرة المتبدلة، وتلوم: انتظر وتلبث.

<<  <   >  >>