للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المهالبة، فأدركهم بفارس، والتحم معهم في معركة انتهت بهلاك المفضل. فرثاه ثابت بقصيدة عزى فيها أخته هند، وصور ما سببه له موته من بلاء دائم وهم مقيم، وأعرب عن أمله لأنه لم يشترك في الذب عنه، وهدد بأخذ الثأر له من قاتليه، وافتخر بنفسه وأخلاقه. يقول١:

يا هند كيف بنصب بات يبكيني ... وعائر في سواد العين يؤذيني٢

كأن ليلي والأصداء هاجدة ... ليل السليم وأعيا من يداويني٣

لما حنى الدهر من قوسي وعذرني ... شيبي وقاسيت أمر الغلظ واللين٤

إذا ذكرت أبا غسان أرقني ... هم إذا عرس السارون يشجيني٥

كان المفضل عزا في ذوي يمن ... وعصمة وثمالا للمساكين٦

غيثا لدى أزمة غبراء شاتية ... من السنين ومأوى كل مسكين٧

ما زلت بعدك في هم تجيش به ... نفسي وفي نصب قد كان يبليني٨

إني تذكرت قتلى لو شهدتهم ... في حومة الحرب لم يصلوا بها دوني٩

لا خير في العيش إن لم أجن بعدهم ... حربا تبيء بهم قتلى فتشفيني١٠

لا خير في طمع يدني إلى طبع ... وغفة من قوام العيش تكفيني١١


١ أمالي الزجاجي ص: ١٣٠، وأمالي المرتضي ١: ٤٠٧، والأغاني ١٤: ٢٧٥.
٢ النصب: الداء والبلاء والشر. والعائر: الرمد والقذى.
٣ الأصداء: الأصوات: والسليم: الملدوغ. وأعيا: أعجز.
٤ عذرني: شيبني من جانبي وجهي، أو هدني وهدمني.
٥ عرس السارون: نزلوا في آخر الليل للاستراحة.
٦ الثمال: الغياث الذي يقوم بأمر الناس فيطعمهم ويسقيهم.
٧ الأزمة: القحط. وشتا القوم: أجدبوا في الشتاء خاصة، والعرب تسمي القحط شتاء لأن المجاعات أكثر ما تصيبهم في الشتاء البارد.
٨ جاشت النفس: ارتفعت من حزن أو فزع.
٩ صلى النار، وصلى بها: قاسى حرها.
١٠ تبيء بهم: تسفر عن قتل قاتليهم.
١١ الطبع: الدنس. والغفة: البلغة من العيش.

<<  <   >  >>