للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا أركب الأمر تزرى بي عواقبه ... ولا يعاب به عرضي ولا ديني

لا يغلب الجهل حلمي عند مقدرة ... ولا العضيهة من ذي الضغن تبكيني١

كم من عدو رماني لو قصدت له ... لم يأخذ النصف مني حين يرميني

وعلى نحو ما تبدو عصبيته القبلية والسياسية لقومه في مدائحه ومراثيه، فإنها تبدو أيضا في أهاجيه، فهو يدافع في قسم كبير منها عنهم، ويرد على خصومهم، بل إنه كان شديد الحمية والأنفة لهم، فقد كان يستثار ويخرج عن طوره، إذ تعرض أحد للأزد، أو أصابهم بأقل سوء. والأمثلة على ذلك كثيرة، فحين حارب المهلب الشراة، وكان ابن الكواء اليشكرى فيهم، وكان بعض بني أخيه شاعرا، فهجا المهلب، والأزد، طلب المهلب من ثابت أن يرد عليه، فراح يحقر بني يشكر، ويتهمهم بأنهم أذل عشائر بكر، بل ملصقون بها إلصاقا، يقول٢:

كل القبائل من بكر نعدهم ... واليشكريون منهم ألأم العرب

أثرى لجيم وأثرى الحصن إذ قعدت ... بيشكر أمه المعرورة النسب٣

نحاكم عن حياض المجد والدكم ... فما لكم في بني البرشاء من نسب٤

أنتم تحلون من بكر إذا نسبوا ... مثل القراد حوالي عكوة الذنب٥

نبئت أن بني الكواء قد نبحوا ... فعل الكلاب تتلى الليث في الأشب٦

يكوى الابيجر عبد الله شيخكم ... ونحن نبري الذي يكوى من الكلب

وكانت ربيعة لما حالفت اليمن وحشدت مع يزيد بن المهلب تنزل حواليه هي والأزد بخراسان، فاستبطأته ربيعة في بعض الأمر، فشغبت عليه، حتى أرضاها فيه، فحنق ثابت عليها، وانطلق يهجوها بأنها تحذق تهييح الشر، وتأجيج الفتنة، وأنها


١ العضيهة: الإفك والبهتان.
٢ الأغاني ١٤: ٢٧٧.
٣ لجيم: هو لجيم بن صعب بن بكر بن وائل، والحصن: هو ثعلبة بن عكابة بن صعب بن بكر بن وائل.
٤ البرشاء: لقب أم ذهل وشيبان وقيس بني ثعلبة بن عكابة بن صعب بن بكر بن وائل. والبرش: البرص.
٥ العكوة: أصل الذنب ومعظمه.
٦ الأشب: شدة التفاف الشجر وكثرته حتى لا مجاز فيه.

<<  <   >  >>