للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كذبت فزيفت عقد النكاح ... لمتك بالنسب الكاذب١

فلا تخطبن بعدها حرة ... فتثني بوسم على الشارب٢

وأنشدنا له مقطوعة من قبل هجا بها حاجب بن ذبيان المازني، لأن يزيد بن المهلب فضله عليه، وأجزل له العطاء لمدحة مدحه بها. وقد كرر فيها تلك المعاني التي كررها في أهاجيه القبلية والسياسية والشخصية، فقد رماه بأنه خسيس دني مغمور في نسبه، وأنه ضعيف لا سند له في قومه٣.

ومن تتمة الحديث عن شعوره بعظمة شخصيته، أنه يصف نفسه في شعره بالجلال والوقار، وأنه لا يلغو ولا يطيل الكلام، بل يوجز في القول، ويجتزئ بأقله، يقول:٤

لا أكثر القول فيما يهضبون به ... من الكلام قليل منه يكفيني٥

وأداه اعتداده بشخصيته إلى أن يأخذ نفسه بالمثالية، ويطالب صاحبه بأن يكون على شاكلته. فهو يحرص على الصديق، ويدافع عنه، ويفي له، في كل الأحوال، أما الصديق الذي كان يتقرب إليه في اليسر، ويزور عنه في العسر، ويبدي له المودة إذا لقيه، ويمزق عرضه إذا فارقه، فكان ينفر منه، ويقطع صلته به، يقول٦:

أنبئت بشرا وللأنباء محصلة ... وعامرا قد أراد النقض لو نقضا٧

وكان بشر بن قيس لي أخا ثقة ... وكنت أجعل نفسي دونه غرضا٨


١ المت: التواصل بقرابة.
٢ الوسم: أثر الكي.
٣ الأغاني ١٤: ٢٦٨.
٤ حماسة البحتري ص: ٢٣٠.
٥ هضب فلان في الحديث: اندفع فيه فأكثر، أو خاض فيه وارتفع صوته.
٦ حماسة البحتري ص: ٨٠.
٧ المحصلة: النتيجة والبقية.
٨ الغرض: الهدف.

<<  <   >  >>