للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وما أخي بالذي يرضى بمنقصتي ... ولا الذي يظهر البغضاء والمرضا

ولا الذي إن حلا عيشتي تنصفني ... وليس مني إذا ما مر أو حمضا

كما كان يسر حوائجه، ويتكتم على أموره، بل إنه كان ينكر بعض أعماله إذا رأى فيها عارا عليه، أو سبة له. فقد خطب امرأة كان يميل إليها، وجعل السفير بينه وبينها جويبر بن سعيد المحدث، فاندس فخطبها لنفسه، وتزوجها، ودفعه عنها. فكذب ثابت أنه اختاره، ليكون رسوله إليها، ودعا عليه أن يشقى بها، وأن يضطر إلى تطليقها، بعد أن تقبض منه مهرها. يقول١:

أفشى علي مقالة ما قلتها ... وسعى بأمر كان غير سديد

إني دعوت الله حين ظلمتني ... ربي وليس لمن دعا ببعيد

أن لا تزال متيما بخريدة ... تسبي الرجال بمقلتين وجيد

حتى إذا وجب الصداق تلبست ... لك جلد أغضف بارز بصعيد٢

وهو ينحو في فخره نحو الشعراء الجاهليين، إذ يتمجد فيه بفروسيته، وهي تتمثل في إنفاقه كل ما يملك من الأموال، وفي طرحه لنفسه مطارح الردى، كما يدل على ذلك قوله٣:

المال نهب الدهر ما أخرته ... ويكون حظك منه ما يتقدم

أمضي وظل الموت تحت ذؤابتي ... ويظن صحبي أنني لا أسلم

فسلمت والسيف الحسام وصعدة ... سمراء يجري بين أكعبها الدم٤


١ الأغاني ١٤: ٢٧٩.
٢ الأغضف: الكلب. والصعيد: المرتفع من الأرض.
٣ الحماسة البصرية ١: ٢٠.
٤ الصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إلى تثقيف. والأكعب: جمع أكعب، وهو ما بين كل عقدتين من أنبوب القناة.

<<  <   >  >>