للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن تعنف بها أو لا تصلها ... فإن لأمها ولدا سواكا

يبر ويستجيب إذا دعته ... وإن عاصيته فيها عصاكا

وكنت أرى بها شرفا وفضلا ... على بعض الرجال وفوق ذاكا

جزاني الله منك وقد جزاني ... ومني في معاتبنا جزاكا

وأعقب أصدق الخصمين قولا ... وولى اللؤم أولانا بذاكا

فلا والله لو لم تعص أمري ... لكنت بمعزل عما هناكا

وعندما أسرف صخر في سيرته السيئة، ولم يعزف عن مناقضه أخيه ومهاجمته، عجب المغيرة من صلاحه واستقامته، وفساد أخيه وانحرافه، وهما أخوان لأبوين، يقول١:

أبوك أبي وأنت أخي ولكن ... تفاضلت الطبائع والظروف

وأمك حين تنسب أم صدق ... ولكن ابنها طبع سخيف٢

ثم إنه ضاق به، وراح يفكر في الهجرة من البصرة، والنزوح إلى الحجاز ليبتعد عنه، ويسلم من شره وأذاه، يقول٣:

سأترك منزلي لبني يميم ... وألحق بالحجاز فأستريحا

ومن شعره الذاتي ما أودعه حكمه التي استقاها من خبرته في الحياة. وهي تدور على ما يجب أن تكون عليه الصلة بين الفرد وعشيرته، والصديق وصديقه، وما ينبغي أن يكون عليه تصرف الإنسان بين أهله وجيرانه.

فهو حريص على قبيلته، معتصم بانتسابه إليها، حفيظ على شرفها، لا ينبت منها ولا يجرؤ على انتقاصها، ولا يعيب قريبه، ولا يبغي عليه، ولا ينفذ أمرا من أموره


١ الشعر والشعراء ١: ٤٠٦، والأغاني ١٣: ١٠٠، والمؤتلف والمختلف ص: ١٤٩.
٢ الطبع: دنيء الخلق الذي لا يستحي من سوءه أو عيب.
٣ شرح شواهد المغني ١: ٤٩٧، وخزانة الأدب ٣: ٦٠٠.

<<  <   >  >>