للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويستقيم له الأمر. فأطاعوه شهرين، ثم نكثوا به، فخرج عن خراسان، وخلف عليها المهلب بن أبي صفرة. فلما كان بسرخس لقيه سليمان بن مرثد البكري، فسأله عمن استخلف؟ فقال له: المهلب بن أبي صفرة، فقال سليمان: ضاقت عليك نزار حتى وليت رجلا من أهل اليمن. فولاه مرو الروذ والفارياب والطالقان والجوزجان، وولى أوس بن ثعلبة البكري هراة. ومضى فلما صار بنيسابور لقيه عبد الله بن خازم السلمي، فقال له من وليت على خراسان؟ فأخبره، فقال له ابن خازم: أما وجدت في مضر رجلا تستعمله، حتى فرقت خراسان بين بكر بن وائل، ومزون عمان. وسأله أن يكتب له عهدا عليها. فأبى سلم. فألح ابن خازم عليه، فأجابه إلى ما سأل. وأقبل ابن خازم على مرو الشاهجان، وعلم المهلب بن أبي صفرة بقدومه إليها. فتركها وأناب عليها رجلا من بني جشم من تميم، فلما وصل ابن خازم إليها، منعه الجشمي من دخولها، فجرت بينهما مناوشة جرح الجشمي فيها، ثم غلب ابن خازم على مرو الشاهجان. وسار إلي سليمان بن مرثد البكري، وهو بمرو الروذ فاحتلها وقتله، ثم اتجه إلى عمرو بن مرثد، البكري، وهو بالطالقان، فاقتحمها وصرعه، ثم رجع إلى مرو الشاهجان. وفر أصحاب عمرو بن مرثد البكري من الطالقان، والتحقوا بأوس بن ثعلبة البكري بهراة، وأسرع إليه البكريون الذين كانوا بمدن خراسان الأخرى، والتفوا حوله, وحرضوه على أن يسير إلى ابن خازم ويطرد مضر من خراسان. فاتهمهم بالتعصب والتقلب، وطلب إليهم أن يكتفوا بهراة إن أبقاهم ابن خازم بها. ولكن بني صهيب لم يقتنعوا بنصيحته. فقد هتفوا أنهم يستحيل عليهم أن يكونوا مع المضريين في بلد واحد، بعد أن قتلوا بني مرثد، وهددوه بالعزل وانتخاب رئيس غيره لهم، إذا هو لم ينفذ رغباتهم، فأذعن لهم. فزحف ابن خازم نحوهم، فخندقوا خندقا دون هراة استعدادا لملاقاته، وقبل أن يهجم عليهم سفر السفراء بينه وبينهم، لأن التميميين أجبروه على مفاوضتهم، فتشدد البكريون، وأصروا على إخراج جميع مضر من خراسان كلها، فهاجمهم، فانهزم البكريون، وقتلوا قتلا ذريعا، ولاذ أوس بن ثعلبة بسجستان، وبه جراحات فمات بها، وعين ابن خازم محمدا على هراة١.

وإنما سقنا هذه الحادثة على طولها لكي نوضح أن النزاع بين بكر بن وائل وبين


١ الطبري ٧: ٤٨٨، وابن الأثير ٤: ١٥٥.

<<  <   >  >>