ابتدأ الناظم -رحمه الله تعالى- منظومته بالبسملة اقتداء بالقرآن الكريم الذي افتتح بها، وخلت المنظومة عن الحمدلة لشدة اختصارها؛ لأنها مختصرة جداً، لا يمكن أن يوجد كتاب في العلم يخلو عن البسملة والحمدلة، فالذي يترجح أنها موجودة، ولو فقدت من بعض النسخ، إلا على رأي الشعبي الذي يقول: لا ينبغي أن تكتب البسملة في الشعر، البسملة لا ينبغي أن تكتب في الشعر؛ لأن الشعر والشعراء جاء ذمهم في القرآن والسنة {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [(٢٢٤) سورة الشعراء] وجاء في السنة في الحديث الصحيح: ((لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً)) ولذا يقول الشعبي: إن الشعر ينبغي أن يجرد عن البسملة، لكن ما دام الشعر والمقرر والمحقق عند أهل العلم أنه كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح، فهذا من الكلام الحسن الذي يصدر بالبسملة والحمدلة، وهذا جرى عليه أهل العلم في نظمهم للعلوم كلها، يفتتحون بالبسملة والحمدلة، ومنهم من يقتصر على البسملة أو الحمدلة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"تمسك بحبل الله" تمسك أمر "بحبل الله" يعني حبل الله المتين الذي هو الكتاب القرآن، الذي تركه النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمته، وأخبر أنهم لن يضلوا ما داموا متمسكين به {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [(١٠٣) سورة آل عمران] وأهل العلم يعنون بهذا الأمر الذي هو التمسك والاعتصام بالكتاب والسنة، وله أبواب في كتبهم، وقد صدر الناظم -رحمه الله تعالى- منظومته بالأمر به "تمسك بحبل الله" الذي هو القرآن.
"واتبع الهدى" الذي هو السنة، وجاء الأمر بالاعتصام بالكتاب والسنة، الاعتصام بالكتاب {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} [(١٠٣) سورة آل عمران] وإن كان المراد به عند جمع من أهل العلم دينه الشامل للكتاب والسنة.
"تمسك بحبل الله" هذا أمر، فهل نقول: إن هذا الأمر إلزام أو التماس؟ إلزام من الله -جل وعلا-، وهذا يحكي ما جاء في الشرع من الأمر به.