المذاهب في هذه المسألة -وهي مسألة الأحكام على الناس- الناس فيها طرفان ووسط، طرف فيه الخوارج والمعتزلة، والطرف الثاني فيه المرجئة، والوسط أهل السنة، الخوارج غلو في الوعيد، ولذا يسمون الوعيدية، غلو في تقرير هذه النصوص، وحملوها على ظاهرها، مما جاء بكفر فاعل بعض المعاصي أو بخروجه أو ((ليس منا)) حملوها على ظاهرها، وطردوا ذلك في كل مرتكب لكبيرة، وحكموا عليه بالكفر، حكموا عليه بالكفر، فكفروا مرتكب الكبيرة، وعمدتهم في هذا نصوص الوعيد، وفيها ما يخدم مذهبهم، وفيها ما فيه رد عليهم، بالمقابل من تشبث وتمسك بنصوص الوعد يعني الوعيدية نظروا إلى نصوص الوعيد، وقطعوا النظر وغضوه عن نصوص الوعد، فهم ألغوا نصوص الوعد، بينما مقابلهم من المرجئة نظروا إلى نصوص الوعد، وألغوا نصوص الوعيد، وأهل السنة والجماعة أعملوا النصوص في الطرفين، ووفقوا للتوسط، الخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة، يكفرونه في الدنيا كفر مخرج عن الملة، وهو في الآخرة محكوم عليه بالخلود في النار، وأما المعتزلة فيشتركون معهم في الخلود في النار مع الخوارج، خالد مخلد في النار -نسأل الله السلامة والعافية-، وأما بالنسبة لحكمه في الدنيا يخرجونه من الإيمان، يسلبون عنه الإيمان بالكلية، لكن لا يصفونه بالكفر فهو بالمنزلة بين منزلتين، أهل السنة نظروا إلى نصوص الوعيد، ونظروا أيضاً إلى نصوص الوعد، وعموماً النصوص الشرعية، الأدلة الشرعية علاج، علاج لأمراض وأدواء المجتمعات، فالعالم المعلم والداعية يُعالج أمراض المجتمعات بالنصوص، فإذا كان في مجتمع متشدد أكثر عليهم من نصوص الوعد، ومن سعة رحمة الله -جل وعلا-، وإن كان بالعكس في مجتمع متساهل أكثر من إيراد نصوص الوعيد عليهم، وهذا كله مما يراد به إصلاح الناس والشرع والنصوص جاءت لهذا، والأصل أن ينظر إلى الطرفين فيُحمل هذا على هذا، ولا يكون هناك اضطراب.