للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحمل قوم قوله: (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) على الابتداء والخبر، أي بعضكم من بعض، وجعل (عَلى) بمنزلة «من» .

وقال قوم: يدخل بعضكم على بعض، فأضمر «يدخل» لأن ذكر الطواف يدل عليه.

وأما قوله تعالى: (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ) «١» فقد قال أبو علي في نصب الأول: إنه لم يحك شيئاً تكلموا به فيحكى كما تحكى الجمل. ولكن هو معنى ما تكلمت به الرسل، كما أن [المؤذن] «٢» إذا قال: لا إله إلا الله. قلت: حقاً، وقلت: إخلاصاً، أعملت القول في المصدرين، لأنك ذكرت معنى ما قال ولم تحك نفس الكلام الذي هو جملة تحكى، فلذلك نصب (سَلاماً) في قوله: (قالُوا سَلاماً) ، لما كان معنى ما قيل ولم يكن نفس المقول بعينه.

وقوله: (قالَ سَلامٌ) أي: أمرى سلام، كقوله: (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) «٣» وَقُلْ (سَلامٌ) أي: أمرى سلام، فحذف المبتدأ، وقدر مرة حذف الخبر، أي: سلام عليكم، كما حذف من قوله (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) «٤» يبين ذلك قوله تعالى:

(وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) «٥» .

وأكثر ما يستعمل (سَلامٌ) بغير ألف ولام، وذلك أنه في موضع الدعاء.

فهو مثل قولهم: خير بين يديك لما كان المعنى المنصوب استجيز فيه الابتداء بالنكرة.

ومن ذلك قوله تعالى: (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) «٦»


(١) هود: ٦٩.
(٢) بمثل هذه الكلمة يستقيم الكلام.
(٣) الزخرف: ٧٩.
(٤) يوسف: ١٨، ٨٣.
(٥) القصص: ٥٥.
(٦) مريم: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>