كَالزُّكَامِ وَالْأَوْرَامِ، وَالشَّدِيدُ الْبُرُودَةِ مِنْهُ يُؤْذِي الْأَسْنَانَ، وَالْإِدْمَانُ عَلَيْهِ يُحْدِثُ انْفِجَارَ الدَّمِ وَالنَّزَلَاتِ، وَأَوْجَاعَ الصَّدْرِ.
وَالْبَارِدُ وَالْحَارُّ بِإِفْرَاطٍ ضَارَّانِ لِلْعَصَبِ وَلِأَكْثَرِ الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُحَلِّلٌ، وَالْآخَرُ مُكَثِّفٌ، وَالْمَاءُ الْحَارُّ يُسَكِّنُ لَذْعَ الْأَخْلَاطِ الْحَادَّةِ، وَيُحَلِّلُ وَيُنْضِجُ، وَيُخْرِجُ الْفُضُولَ، وَيُرَطِّبُ وَيُسَخِّنُ، وَيُفْسِدُ الْهَضْمَ شُرْبُهُ، ويطفوا الطعام إِلَى أَعْلَى الْمَعِدَةِ وَيُرْخِيهَا، وَلَا يُسْرِعُ فِي تسكين العطش، ويذبل البدن، ويؤذي إِلَى أَمْرَاضٍ رَدِيئَةٍ وَيَضُرُّ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرَاضِ عَلَى أَنَّهُ صَالِحٌ لِلشُّيُوخِ، وَأَصْحَابِ الصَّرْعِ، وَالصُّدَاعِ الْبَارِدِ وَالرَّمَدِ. وَأَنْفَعُ مَا اسْتُعْمِلَ مِنْ خَارِجٍ.
ولا ظيصحّ فِي الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ حَدِيثٌ وَلَا أَثَرٌ، وَلَا كَرِهَهُ أَحَدٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْأَطِبَّاءِ، وَلَا عَابُوهُ، وَالشَّدِيدُ السُّخُونَةِ يُذِيبُ شَحْمَ الْكُلَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَاءِ الْأَمْطَارِ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ.
مَاءٌ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كان يدعو في الاستفتاح وغيره: «الّهمّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ.
الثَّلْجُ لَهُ فِي نَفْسِهِ كَيْفِيَّةٌ حَادَّةٌ دُخَّانِيَّةٌ، فَمَاؤُهُ كَذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي طَلَبِ الْغَسْلِ مِنَ الْخَطَايَا بِمَائِهِ لِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقَلْبُ مِنَ التَّبْرِيدِ وَالتَّصْلِيبِ وَالتَّقْوِيَةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَصْلُ طِبِّ الْأَبْدَانِ وَالْقُلُوبِ، وَمُعَالَجَةِ أَدْوَائِهَا بِضِدِّهَا.
وَمَاءُ الْبَرَدِ أَلْطَفُ وَأَلَذُّ مِنْ مَاءِ الثَّلْجِ، وَأَمَّا مَاءُ الْجَمْدِ وَهُوَ الْجَلِيدُ، فَبِحَسَبِ أَصْلِهِ.
وَالثَّلْجُ يَكْتَسِبُ كَيْفِيَّةَ الْجِبَالِ وَالْأَرْضِ الَّتِي يَسْقُطُ عَلَيْهَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَيَنْبَغِي تَجَنُّبُ شُرْبِ الْمَاءِ الْمَثْلُوجِ عَقِيبَ الْحَمَّامِ وَالْجِمَاعِ، وَالرِّيَاضَةِ وَالطَّعَامِ الْحَارِّ، وَلِأَصْحَابِ السُّعَالِ وَوَجَعِ الصَّدْرِ، وَضَعْفِ الْكَبِدِ، وَأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْبَارِدَةِ.
ماء الآبار والقني: مِيَاهُ الْآبَارِ قَلِيلَةُ اللَّطَافَةِ، وَمَاءُ الْقُنِيِّ الْمَدْفُونَةِ تحت الأرض
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute