كان خرج تاجرا، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، وذلك قبل الإسلام بمدة، فعدت بنو بكر بن عبد مناة رهط الأسود بن رزن على رجل من بني خزاعة، فقتلوه بمالك بن عياد، فعدت خزاعة على سلمة وكلثوم وذؤيب بني الأسود بن رزن، فقتلوهم، وهؤلاء الإخوة أشراف بني كنانة كانوا يودون في الجاهلية ديتين، ويودي سائر قومهم دية دية وكل هذه المقاتل كانت قبل الإسلام.
فلما جاء الإسلام حجز ما بين من ذكرنا، واشتغل الناس به فلما كانت الهدنة المنعقدة يوم الحديبية أمن الناس بعضهم بعضا؛ فاغتنم بنو الديل من بني بكر بن عبد مناة تلك الفرصة، وغفلة خزاعة، وأرادوا إدراك ثأر بني الأسود بن رزن، فخرج نوفل بن معاوية الديلي بمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناف، وليس كلهم تابعه، جاء حتى بيت خزاعة، وهم على الوتير، فاقتتلوا، ورفضت قريش بني بكر بالسلاح، وأعانهم قوم من قريش، بأنفسهم مستخفين، وانهزمت خزاعة إلى الحرم، فقال قوم نوفل بن معاوية: يا نوفل: الحرم، اتق الله إلهك، فقال الكافر: لا إله له اليوم، والله يا بني كنانة، إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تدركون فيه ثأركم؟ فقتلوا رجلا من خزاعة يقال له منبه، وانجحرت في دور مكة فدخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعي، ودار مولى لهم اسمه (رافع) وكان هذا نقضا للعهد الواقع يوم الحديبية.
فخرج عمرو بن سالم الخزاعي، ثم أحد بني كعب وبديل بن ورقاء الخزاعي وقوم من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستفيثين مما أصابهم به بنو بكر بن عبد مناة وقريش، فأجابهم، وأنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أبا سفيان سيأتي ليشد العقد، ويزيد في المدة، وأنه سيرجع بغير حاجة، وندبت قريش على ما فعلت، فخرج أبو سفيان إلى المدينة ليشد العقد، ويزيد في المدة، فلقي بديل بن ورقاء بعسفان، فكتمه بديل مسيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه إنما صار في خزاعة على الساحل، فنهض أبو سفيان حتى أتى المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين، فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فطوته دونه، فقال لها في ذلك فقالت: هو