للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلتم كما فعلت كعب وكلاب، فمن شهدها من بني عامر؟ قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر، لا ينفعان ولا يضران! يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن، إلى نحور الخيل شيئا، ارفعهم إلى ممتنع ديارهم، وعلياء قومهم. ثم ألق الصباة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك، ومن وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. فأبى مالك ذلك وخالفت هوازن دريدا، واتبعوا مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده، ولم يغب عني:

يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع

يتمنى لو كان شابا في هذه الحرب حتى يكون أكثر نشاطا وهمة، وانطلاقا؛ لأن المشيب موسوم بالوهن والفتور والخور في القوى الحيوية.

وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء عبد الله ابن أبي حدرد الأسلمي، فأتى بعد أن عرف مذاهبهم، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصدهم، واستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية بن خلف دروعا، قيل مائة درع، وقيل أربعمائة درع. ثم خرج في اثنى عشر ألف مسلم، منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة، وألفان من مسلمة الفتح.

ثم استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، ومضى عليه السلام وفي جملة من اتبعه: عباس بن مرداس في بني سليم، والضحاك ابن سفيان الكلابي، وجموع من بني عبس وذبيان.

وفي مخرجه هذا «١» رأى جهال الأعراب شجرة خضراء، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة تسمى «ذات أنواط» يخرج إليها الكفار يوما معروفا في العام، يعظمونه، فتصايح جهال الأعراب؛ يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: قلتم، والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: «اجعل لنا إلها


(١) - جوامع السيرة لابن حزم ص ١٨٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>