ثم استتب برسول الله صلى الله عليه وسلم سفره، وأجمع المسير، وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية فتخلفوا عنه صلى الله عليه وسلم، ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يعلم السر وأخفى لم يعذرهم، ودفع حجتهم، ولم يقبل عذرهم؛ لأنهم كانوا يعتذرون بباطل.
وعطش الناس عطشا شديدا؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بالرى، فأمطرتهم سحابة غيداق فرووا جميعهم.
في هذه الغزوة، ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى أبا ذر يتبع أثر الجيش ويقتصه يريد اللحاق به فقال صلى الله عليه وسلم:«يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» .
وصالح عليه الصلاة والسلام يحنة بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية. وأرسل خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي، صاحب دومة، الذي اقتنصه وأرسله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنه، ورده، وصالحه على الجزية.
وأقام عليه الصلاة والسلام بتبوك عشرين ليلة، لم يجاوزها ثم انصرف قافلا إلى المدينة.
وفي منصرفه صلى الله عليه وسلم أمر بهدم مسجد الضرار، ثم أمر مالك بن الدخشم أخا بني سالم، ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان بهدم المسجد وحرقه، فدخل مالك بن الدخشم منزله فأخرج منه شعلة نار، فأحرقا المسجد وهدماه.
وكان رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة في شهر رمضان سنة تسع.