للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صداق لها غيره، فصارت بعد ذلك سنة مستحبة لكل من أراد أن يفعل ذلك إلى يوم القيامة.

وفي غزوة خيبر حرّم صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية، وأخبر أنها رجز، وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور، بلحومها، وأمر بغسل القدور بعد، وأحلّ حينئذ لحوم الخيل، وأطعمهم إياها، ثم فتح حصن الصعب بن معاذ، ولم يكن بخيبر حصن أكثر طعاما منه، ولا أوفر ودكا «١» منه وآخر ما افتتح عليه السلام من حصونهم (الوطيح) و (السلالم) حاصرهما بضع عشرة ليلة، وكان شعار المسلمين يوم خيبر (أمت أمت) .

ووقف إلى بعض حصونهم أبو بكر وعمر- رضوان الله عليهما- فلم يفتحاه، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي- رضوان الله عليه وكرم الله وجهه- ففتحه، وكان أرمد «٢» ، فتفل في عينيه فبرىء.

وكان فتح خيبر، الأرض كلها، وبعض الحصون عنوة- وهي الأكثر- وبعضها صلحا على الجلاء؛ فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عزل الخمس، وأقر اليهود على أن يعتملوها بأموالهم وأنفسهم، ولهم النصف من كل ما يخرج منها من زرع أو ثمر، ويقرهم على ذلك ما بدا له، فبقوا على ذلك حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدة خلافة أبي بكر، وجمهور خلافة عمر، فلما كان آخر خلافته، بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في مرضه الذي مات فيه ألايبقي في جزيرة العرب دينان، فأمر بإجلائهم عن خيبر، وغيرها من بلاد العرب، وأخذ المسلمون ضيعهم من مقاسم خيبر، فتصرفوا فيها، وكان متولي قسمتها بين أصحابها جبار بن صخر من بني سلمة، وزيد بن ثابت من بني النجار. ومن فتح خيبر أهدت يهودية تسمى زينب بنت حارث امرأة سلام بن مشكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية قد جعلت فيها السّمّ،


(١) - الودك: دهن اللحم الذي يستخرج منه، ويطلق الودك عموما على الدسم.
(٢) - أرمد: مصاب بالرمد في عينيه.

<<  <   >  >>