وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: باب حج الصبيان، وأورد في الباب ثلاثة أحاديث، حديثين عن ابن عباس، وأنه حج مع النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الاحتلام، والثالث عن السائب بن يزيد قال:"حج بي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن سبع سنين"، وفي صحيح مسلم من طريق كريب عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:"رفعت امرأة صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال:((نعم، ولك أجر)) قال ابن بطال: "أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ" يسقط عنه الفرض لا يطالب بفريضة الإسلام حتى يبلغ إلا أنه إذا حج به كان له تطوعاً عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يصح إحرامه، ولا يلزمه شيء بفعل شيء من محظورات الإحرام، وإنما يحج به على جهة التدريب، وشذ بعضهم فقال: إذ حج الصبي أجزأه ذلك عن حجة الإسلام؛ لظاهر قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم)) في جواب: ألهذا حج؟ في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم)) أي له حج، لكن هل هذا الحج صحيح بغض النظر عن الإجزاء وإسقاط الطلب أو أنه صحيح مجزئ مسقط عن الطلب؟ اللفظ محتمل، له حج، فهل هذا الحج المقصود به الحج المجزئ المسقط عن الطلب أو المقصود به الصحيح؟ بغض النظر عن سقوط الطلب به، جماهير أهل العلم حملوه على الثاني حجه صحيح، وينعقد إحرامه، وتترتب أثاره عليه، ويلزمه ما يلزم المكلف، وهذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، لا نقول: إنه غير مكلف فكيف يلزم بالتكاليف لا، كما تجب الزكاة في ماله حكم وضعي وليس حكم تكليفي، يعني هذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، وعلى هذا يحرم العبد عن نفسه، ويحرم الصبي المميز كذلك وأما غير المميز فيحرم عنه وليه، وإذا أحرم الصبي فإنه يلزم بإتمام النسك؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أمر بإتمام الحج والعمرة، وإن كانا نفلاً، فكذا هنا {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(١٩٦) سورة البقرة] هذا يشمل الفرض والنفل، وقلنا: إن حج الصبي نفل فإذا عقد نية الدخول في النسك لزمه إتمامه، كما يلزم الكبير أن يتم حج النفل؛ لأن الله أمر بإتمام الحج والعمرة، نعم؟