ابن رجب -رحمه الله تعالى- في القواعد، في القاعدة السادسة والعشرين يقول: من أتلف شيئاً لدفع أذاه لم يضمنه، من أتلف شيئاً لدفع أذاه له لمن يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه، يقول: ويتخرج على ذلك مسائل: منها لو صال عليه حيوان أدمي أو بهيمة فدفعه عن نفسه بالقتل لم يضمنه، ولو قتل حيوان لغيره في مخمصة لحيي به نفسه ضمنه، الحاجة قائمة في الصورتين، لكن الأذى حصل في الصورة الأولى بنفس الصائل، نفس الصائل هو المؤذي، فقتل المؤذي مأذون فيه شرعاً فلا ضمان فيه، في الصورة الثانية الأذى حصل بالجوع، بسبب غير المقتول فيضمن، يقول:"ومنها لو صال عليه صيد في إحرامه فقتله دفعاً عن نفسه لم يضمه على أصح الوجهين، وإن اضطر فقلته في المخمصة ليحيي به نفسه ضمنه، ومنها: لو حلق المحرم رأسه لتأذيه بالقمل والوسخ فدى؛ لأن الأذى من غير الشعر، ولو خرجت في عينه شعرة فقلعها أو نزل شعر على عينيه فأزاله لم يفده".
طالب:. . . . . . . . .
يقول -رحمه الله تعالى- وهذا مما يوضح القاعدة وإن كان لا علاقة له مما نحن فيه، يقول: لو أشرفت سفينة على الغرق فألقى متاع غيره ليخففها ضمنه، ولو سقط عليه متاع غيره فخشي أن يهلكه فدفعه فوقع في الماء لم يضمنه" لأن الأذى حصل به مباشرة، يقول: "ومنها: لو وقعت بيضة نعام من شجرة في الحرم على إنسان فدفعها فانكسرت فلا ضمان عليه بخلاف ما لو احتاج إلى أكلها لمخمصة"، يقول: "ومنها: لو قلع شوك الحرم لأذاه لم يضمنه، ولو احتاج إلى إيقاد غصن شجرة ضمنه، المقصود أن مثل هذه المسائل الدقيقة يفيد فيها كثيراً مثل هذا الكتاب، وهذا الكتاب نفيس جداً، قواعد ابن رجب لا يستغني عنه طالب علم؛ لأنه يحصر مثل هذه الدقائق التي قد لا تجتمع لغيره، ولا تتسنى لغيره، وأبدا في هذا الكتاب براعة فائقة، استكثر عليه -رحمه الله- لكنه فوق ما قيل عنه -رحمه الله تعالى-.
يقول -رحمه الله تعالى-: "فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم"