قال في الإنصاف: "إذا لم يثبت إلا بالعقد فله عقده بلا نزاع، وإن لم يجد نعلين لبس خفين، وهل يقطعهما أسفل من الكعبين؟ المذهب لا، ففي المنتهى: يحرم قطعهما، نص عليه أحمد، وهو إفساد، واحتج الموفق وغيره بالنهي عن إضاعة المال، وقال الشيخ: إذا لم يجد نعلين لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بالقطع أولاً، ثم رخص في ذلك في عرفات، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في عرفات:((من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ولم يجد نعلين فليلبس خفين)) يقول صاحب المنتقى المجد ابن تيمية: الظاهر أنه ناسخ لحديث ابن عمر بقطع الخفين؛ لأنه قاله بعرفات في وقت الحاجة، وحديث ابن عمر كان في المدينة، وذهب الجمهور إلى وجوب قطع الخفين إذا لم يوجد النعلين؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، وفيه:((إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)).
لا شك أن حديث ابن عباس متأخر، وحديث ابن عمر متقدم، من نظر إلى هذين النصين من هذه الحيثية، قال بالنسخ لا سيما وأن الحاجة داعية إلى ذكر القطع بعرفات؛ لأنه حضر من الحجاج الجمع الغفير ممن لم يسمع الخبر الأول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حديث ابن عمر في المدينة، حديث:((وليقطعهما)) هذا في المدينة، وحديث ابن عباس:((فليلبس خفين)) وليس فيه ذكر للقطع بعرفات، فمن قال: إن البيان لا بد منه في هذا الموطن؛ لأنه سمع الحديث جمهور غفير من الحجاج الذين وفدوا إلى مكة من غير المدينة، ولم يسمعوا حديث ابن عمر قال بالنسخ؛ لأن هذا يلزم عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهو المعروف عند الحنابلة، بل أفتوا بتحريم القطع لأنه إضاعة للمال، والجمهور يقولون: لا بد من القطع، لماذا؟ لأن عندهم مطلق ومقيد، حديث ابن عمر مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، حديث ابن عباس مطلق، وحديث ابن عمر مقيد، وهنا يحمل المطلق على المقيد في خلاف وإلا لا؟ في خلاف في حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة؟ نعم؟