ويشهد له حديث الأعرابي الذي شهد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه رأى الهلال، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ )) قال: نعم، فأمر بالصيام.
فالهلال إذا رآه عدل ولو واحد ولو كان امرأة بالنسبة لدخول الشهر وجب الصيام به، يعني برؤيته، وأما خروج الشهر وانتهاؤه فلا بد من شاهدين عدلين كسائر الشهور، فسائر الشهور لا تثبت إلا بشهادة عدلين لما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا، فصوموا وأفطروا)).
ويشهد له حديث الحارث بن حاطب -رضي الله عنه- أنه قال:"عهد إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما".
وعن ربعي بن حراش لما رواه أبو داود عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بالله لأهلا الهلال أمس عشية فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس أن يفطروا.
فالصيام ودخول الشهر يثبت بواحد، وأما خروجه كسائر الشهور لا يثبت إلا باثنين، وسبب التفريق الاحتياط لهذه العبادة التي هي ركن من أركان الإسلام، والملحوظ في ذلك أن ثبوت الشهر ولزوم الصيام كأنه ليس من باب الشهادات التي يطلب لها العدد، وإنما هو من باب الإخبار، فتفترق الشهادة مع الإخبار بأمور منها أن الشهادة يطلب لها العدد، ويطلب لها شهادة الأحرار، بينما الأخبار لا يطلب لها العدد، فتثبت الأخبار بقول واحد، ولو امرأة، ولو عبد، فدخول الشهر خبر، خبر شرعي، كرواية الحديث، تثبت برواية واحد، وكما أن شهر الشهر يثبت برؤية واحد، وبالنسبة لخروجه، دخول شهر شوال، شوال كغيره من الشهور، تترتب عليه أحكام، بعضها متعلق بحقوق الله -سبحانه وتعالى-، وبعضها متعلق بحقوق العباد، فهي تحتاج إلى شهادة، وأما رمضان فأعظم عمل فيه الصيام، فهو إلى الأخبار أقرب، والعمدة في ذلك ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث ابن عمر والأعرابي.