للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطائفة ثالثة قيامها، يقوم عليهم الناس وهم قعود كما يقومون في الصلاة، فتقاسمت الفرق الثلاث أجزاء الصلاة، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن انحناء الرجل لأخيه سداً لذريعة الشرك، كما نهى عن السجود لغير الله ١٠

تنبيه: جاء في حديث أنس السابق نهى عن الالتزام وهو المعانقة، وقد وردت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لقول أنس – رضي الله عنه -:"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا"٢٠

وعانق عبد الله بن أنيس جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – لما رحل إليه من المدينة إلى الشام ليسأله عن حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ٣٠

وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث، ودفعوا التعارض الظاهر بينها، ومنهم الإمام البغوي، وفى ذلك يقول:"قال حميد بن زنجوية: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المعانقة والتقبيل، وجاء أنه عانق جعفر بن أبى طالب وقبله عند قدومه من أرض الحبشة، ولكل وجه عندنا، فأما المكروه من المعانقة والتقبيل، فما كان على وجه الملق والتعظيم وفى الحضر، فأما المأذون فيه، فعند التوديع وعند القدوم من السفر وطول العهد بالصاحب، وشدة الحب في الله ومن قبَّل فلا يقبل الفم، ولكن اليد والرأس والجبهة"٤٠

وقال الشيخ الألباني عقب ذكره لبعض أحاديث النهى وأحاديث الإباحة: "فيمكن أن يقال: إن المعانقة في السفر مستثنى من النهى لفعل الصحابة ذلك"٥٠


١ إعلام الموقعين جـ٣/١٦٦، ١٦٧.
٢ رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح كما ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد جـ٨ /٣٦.
٣ أخرجه البخاري في الأدب المفرد باب المعانقة جـ٢/٤٥٨، وعلقه في صحيحه في كتاب العلم باب ١٩، وقال الحافظ في الفتح: إسناده حسن، وأحمد في مسنده جـ٣ / ١٩٨.
٤ شرح السنة للبغوى جـ١٢ / ٢٩٢، ٢٩٣.
٥ سلسلة الأحاديث الصحيحة جـ١/٢٥٢.

<<  <   >  >>