اتباع الشارع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته أولى ولم يكونوا يتكلفون شيئاً إن حضر طعام شهي أكلوا وحمدوا الله تعالى، وإن لم يحضر شيئاً صبروا.
وكان ابن عقيل يقول: ما أعجب أموركم في التدين، إما أهواء متبعة أو الحقوق واطراح العيال واللحوق بزوايا المساجد.
وإنما ذمهم بالتعوذ بزوايا المساجد؛ لأنهم تركوا طريق السلف من التصرف فيما يستعينون به على مصالحهم، وما يعينون به أحوالهم وأهاليهم المحاويج، وما يكف أنفسهم عن الناس. ولهم في ذلك آفات أخر.
[التكبر والاستعلاء]
منها: الكبر، واحتقار الناس، ومنها: أنه يخاف أن يقصروا في خدمته بالدخول بينهم، ومنها: حفظ ناموسه ورئاسته؛ فإن مخالطة الناس تذهب بذلك. وهو يريد أن تبقى طراوة فكرة، فتراه يجب أن يزار ولا يزور، ويفرح بمجيء الناس إليه واجتماعهم على خدمته وتقبيل يده، فيترك عيادة المرضى، وشهود الجنائز، ويقال: هذه عادة فلان وإن كانت عادة تخالف الشريعة. وإن كان يحتاج إلى القوت، ولم يكن عنده من يشتري له، صبر على الجوع لئلا يخرج بنفسه لشراء ذلك، فيضيع جاهه، لمشيه بين العوام. ولو أنه خرج فاشترى حاجته لانقطعت الشهرة، ولكن في باطنه حفظ الناموس، وقد كان رسول الله (يخرج إلى السوق ويشتري حاجته ويحملها بنفسه. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحمل الثياب على كتفه فيبيع ويشتري، قال محمد ابن القاسم: زعم عبد الله بن حنظلة، قال: