مر عبد الله بن سلام وعلى رأسه حطب، فقال له ناس: ما يحملك على هذا وقد أغناك الله؟ قال: أردت أن أدفع به الكبر، وذلك أني سمعت رسول الله (يقول:" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ". وكان عادة السلف رضي الله عنهم التبذل في شراء الحاجة وغيرها وقد تغيرت تلك العادة كما تغيرت تلك الأحوال والملابس.
[ادعاء الزهد]
ومن الآفات أيضاً: أنه لو سئل أن يلبس ألين من ثوبه ما فعل لئلا ينكسر جاهه في الزهد. ولو خرج لم يأكل والناس ينظرون إليه ويرونه، ويحفظ نفسه عن التبسم، فضلاً عن الضحك.
وقد كان السلف يدفعون عنهم كل ما يوجب الإشارة إليهم، ويهربون من المكان الذي يشار إليهم فيه، وتراه يلبس الثوب المتخرق ولا يخيطه، ويترك إصلاح عمامته، وتسريح لحيته؛ ليرى أن ما عنده من الدنيا خير.
فإن كان صادقاً سالماً من الرياء فليعلم أنه قد سلك به غير الجادة؛ إذ ليست هذه طريقة رسول الله (ولا أصحابه، فقد كان يسرح شعره، وينظر في المرآة، ويدهن، ويتطيب، وهو أشغل الخلق بالآخرة. وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يخضبان بالحناء والكتم، وهما أخوف الصحابة وأزهدهم.
ومن ادعى رتبة تزيد على ألسنة وأفعال الأكابر لم يلتفت إليه.
[الصمت]
وتراه أيضاً يلزم الصمت الدائم، وقد نهى رسول الله (عن صمت يوم إلى ليل،